بل أذكر كيف كنا نحبسُ شفاهنا عن النطق لتتكلم القلوب , ونحدق بأبصارنا في الأفق لنتفرّغ أكثر للتأمل في الحب. ولقد أذكرتني بكِ اليوم مفكراتي التي ولعت بتدوينها منذ حداثتي , وقد كان بودي لو بقيت ذكرى الماضي دفينةً في الفؤاد لأن في عودتها إلى البال فتحاً لجروحٍ لا تقبل الاندمال أيتها الروح الطاهرة. سلام الله عليكِ , كلما خفق جناحاكِ وخفق معهما فؤادي لذا كراكِ! سلام الله عليكِ , كلما برزت الشمس من وراء الأفق تنثر التبر من أشعتها الذهبية! إنْ كنتِ قد سلوتني , فإن بين جنبيّ قلباً لا ينبض إلا لذكراكِ , ولا يخفق إلاّ لخفوق جناحيكِ. وإن كان عالم الأرواح قد أنساكِ عالم الهيولى , فلا كانت الأبدية ولا عالمها! لأنَّ ساعةً واحدة بقربك أشهى من الخلود في فردوس لا تكوني في ذلك العالم الخالد
, كما كنتِ في هذا العالم الفاني؟
بل انعمي بالاً , ولتقرَّ عيناكِ بما أنتِ فيهِ من نعيم وهناءٍ! فحسبي سعادة أن تتمتعي بما تشتهين. وثقي أن قلبي الذي يودُّ لو ترفرفين فيهِ بجناحيكِ لهو فارغ إلا من رسمك؛ وقد دُفن الحبُّ في كل زاويةٍ من زواياه فهو مثقلٌ بيأس تنوءُ بثقلهِ راسيات الجبال
ايهِ أيتها الروح الطاهرة! ما الذي ترينه في ذلك العالم الواسع من أسرار الحياة؟ وما الذي شغلك عن ذكرى حبنا القديم , وذد كنتِ , وأنتِ على هذه الأرض , تصفينه بالخلود , وتقولين أنهُ مستمدٌّ من عالم