الأرواح , إذ لا بد لهُ ولا نهاية. فإذا صدق قولهم أنَّ الأرواح تحلق في الفضاء , فلماذا لا ترفرفين حولي بجناحيكِ , وتسمعني ذلك الصوت الرخيم الذي عوّدتني سماعهُ وأنتِ بعد على هذه الأرض؟ سقياً لمواقف ذلك الغرام , أيتها الروح الطاهرة. قد كنتِ في الحياة خافقةَ الفؤاد , وأنتِ الآن خافقة الجناحين. وأما أنا , قلا أزال كما كنت ثابتاً على الولاء , مقيماً على العهود , وإن كان لي بعد أُمنية في هذه الحياة فهي أن أُمتَّع بنظرة منكِ في عالم الأبدية , وأظللكِ بجناحيَّ في فردوس البقاء كثيراً ما أقصدُ إلى مثواكِ وأتفرَّس في تلك الحفرة التي يرقد فيها هيكلك الجثماني رقدته الدائمة. فتضيق الدنيا في عينيَّ وتتمثل لي رحبة الفضاء الذي تحلّقين فيهِ أضيق من سُمّ الخياط. ولكم وقفتُ برمسكِ خاشعَ الطرف , حاسرَ الرأس , وعواطفي ثائرة في داخلي , فأرى الحياة حلماً , والعالم كله مجموعة شقاء. وأنَّي للحلم أن يستمرَّ نعيمهُ , إذا انتقلت النفسُ إلى يقظة رائعة؟
القبر!
هناك , حيث ينقطع كلُّ صوت , وتبطل كلُّ حركة؛ هناك , حيث تنحلّ الهيولى وتنتهي الحياة , هناك , حيث يضيع كلُّ عزاء , وتقلُّ كل مواساة
ما أتفه الحياة بدونكِ يا كليمانسي كل يوم منها أبديةٌ مملَّة؛ والنفسُ لا عزاءَ لها سوى الغد؛ ولكنَّ الغد غامضٌ كأسرارِ الأبدية , فإذا لاح فجره بكيتُ على أمسهِ