الأكبر فلن يمرّ العام حتى أنسى ما بيننا من وعودٍ وعهود. وهو ذا الآن قد مرّ ذلك العام وأنا لا أزال أعاني ما كنت أعانيه يومئذٍ من غصص وحسرات والذي يحزنني أكثر من كل شيء هو أنني محرومة رؤيتك إذ تمرّ بي أيام طويلة مملّة ولا أرى لك حتى شبه خيال إلاَّ في الحلم. ولو تعلم شدة هذا العقاب لكان لي من دموعي شافع لديك. ولكنك قد أغمضت عينيك فلست ترى ما أعانيه من غصص مبرّحة. وإذا كان في العالم قوة تمنعني عن إخماد أنفاسي بيدي فذلك لأنني واقفة على عتبة الأبدية وقد غطستْ فيها ركبتاي. فلماذا أضيف إلى آثامي العديدة إنما آخر بوضع حدٍ لأنفاسي بيدي؟ وفضلاً عن ذلك فإن موتي يورثك من تأنيب الضمير مالا أطيق أن أراك معذباً به. ولأشهى على قلبي أن أراك سعيداً ولو على بعد منك , من أن تعيش معذباً وأنا قريبة إليك كان ينبغي أن أفرح لفرحك اليوم. ولكنَّ ذكرى عهودنا السالفة لم تُبقِ في قلبي مجالاً للسرور إذ كيفما ألتفتُّ أرى ما يروعني من الفرق بين الأمس واليوم. ويزيد روعي كلما تأملت في ما عسى أن يجيء به الغد وقد يتمثل لي شبح الغد بصورة تنين هائل. فيزيد بي انقباضي ولا أرى من خلال ظلمته الحالكة إلا شعاع أملٍ ضعيف هو أن أنام اليوم ولا استيقظ في الغد. ترى هل يحزنك غداً موت امرأة كنت تعبدها بالأمس؟ أم يصدق فيك المثل القائل أن البعيد عن العين بعيد أيضاً عن القلب