والموت خير من فراق خلتي ... فقتلتي اليوم ولا مذلتي
ثم شد على ابن الشيخ بطعنة سقط منها ميتاً. فقال له الشيخ: خل عن الظعينة يا ابن أخي فإني لست كمن رأيت - فقال: ما كنت لأخليها ولا لهذا قصدت - فقال الشيخ: يا ابن أخي اختر لنفسك، فإن شئت نازلتك، وإن شئت طاردتك فاغتنمها الفتى ونزل، فنزل الشيخ وهو يقول:
ما ارتجي عند فناء عمري ... سأجعل التسعين مثل شهر
تخافني الشجعان طول دهري ... أن استباح البيض قصم الظهر
فأقبل الحارث وهو ينشد:
بعد ارتحالي وطال سفري ... وقد ظفرت وشفيت صدري
فالموت خير من لبان الغدر ... والعار أهديه لحي بكر
ثم دنا فقال له الشيخ: يا ابن أخي إن شئت ضربتك فإن أبقيت فيك بقية فاضربني. وإن شئت فاضربني فإن أبقيت في بقية ضربتك فاغتنمها الفتى وقال: أنا أبدأ - فقال الشيخ: هات فرفع الحارث يده بالسيف فلما نظر الشيخ أنه قد أهوى به إلى رأسه ضرب له بطنه
بطعنة قد منها أمعاءه ووقعت ضربة الفتى على رأس عمه، فسقطا ميتين. . . فأخذت يا أمير المؤمنين أربعة أسياف وأربعة أفراس. ثم أقبلت إلى الناقة فقالت الجارية: يا عمرو إلى أين ولست بصاحبتك ولست لي بصاحب، ولست كمن رأيت. فقلت: اسكتي - قالت: إن كنت لي صاحباً فأعطني سيفاً أو رمحاً فإن غلبتني فأنا لك وإن غلبتك قتلتك - فقلت: ما أنا بمعطٍ