للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الانتحار جبن والمنتحر جبان قد ييأس امرئٌ فيرى الفرج في الموت , وقد يدفع صاحبه إلى مهواة الرَّدى تخلصاً من متاعب الحياة , وفراراً من نائبات الدهر. ولكنَّ الانتحار , مهما تنوَّعت أسبابه , واختلفت دواعيه , ليس إلاَّ دليل الخوَر والجبن , والذلَّة والصغار , فالمنتحر جباز وإن استبسل في طلب الموت. لولا الجبن لم يكن الانتحار!

شلَّت يده! صبَّ لنفسه. فالسُمُّ في كأسها , والسمُّ في كأسهِ ودنا الموت من شفتيها ,

ودنا الموت من شفتيهِ. يا ويح لحظّهما! كلاهما غضُّ الصبي , رطب الأهاب , وكلاهما والهٌ تيَّمهُ الحب , وبرَّح به الجوى!

حمل الكأس إلى شفتيهِ , فاهتزَّت بها يمناه , وارتجف لها قلبه. وأُدنت الكأس من شفتيها فما اهتزَّت يمينها , ولا خفق فؤادها

وتلاقى الناظران من النافذتين , ففي مقلتها دمعة , وفي عينهِ جمرة!!

هي فتاة وهو فتى! هي امرأة وهو رجل! هي شربت , وهو. . لم يشرب!

الفتاة شربت كأسها حتى الثمالة , والتي صبَّ كأسه على الأرض!

هل عرفت الآن معنى النذالة , ومعنى قولهم: فلان نذل؟!!

<<  <  ج: ص:  >  >>