وداع وشكوى
جاءتنا القصيدة التالية من الولايات المتحدة وقد قالها شاعرها مودعاً بلاد الشرق شاكياً متألماً , ومستقبلاً العالم الجديد باسماً مؤملاً. والشاعر قد عرَّفتهُ الزهور إلى قرَّائها (س٢: ج٤: ص٢١٤) قال بعد مقدمةٍ وجيزة:
ولقد ركبتُ البحرَ يزأر هائجاً ... كالليث فارق شبله بل أحنقا
والنفسُ جازعةٌ ولستُ ألومُها ... فالبحر أعظم ما يُخاف ويُتقي
فلقد شهدتُ بهِ حكيماً عاقلاً ... ولقد رأيتُ بهِ جهولاً أخرقا
مستوفزٌ ما شاَء أن يلهو بنا ... مترفقٌ ما شاء أن يترفقا
متحفزٌ وكأنهُ متوقعٌ ... تحتَ الظلام سفينةَ أو زورقا
تتنازع الأمواج فيهِ بعضها ... بعضاً على جهلٍ تنازُعَنا البقا
بينا يراها الطرفُ سُوراُ قائماً ... فإذا بها حالت فصارت خندقا
(نويُوركَ) ياذات البخار بنا أقصدي ... فلعلنا بالغرب ننسى المشرِقا
وطنٌ أردناه على حبِّ العلى ... فأبى سوى أن يستكين إلى الشقا
كالعبد يخشى - بعدما أفنى الصبى ... يلهو بهِ ساداته - إن يُعتقا
أو كلما جاد الزمان بمصلحٍ ... في أهله قالوا طغى وتزندقا
فكأنما لم يكفهِ ما قد جَنوا ... وكأنما لم يكفهم أن بنيها مَوثقا
ما إن رأيتُ بهِ أديباً موسراً ... فيما رأيتُ ولا جهولا مملقا
مشتِ الجهالة فيهِ نسحب ذيلَها ... تيهاً وراح العلمُ يمشي مطرِقا
أمسى وأمسى أهله في حالةٍ ... لو أنها تعرو الجماد لأشفقنا