مجمعاً للقاذورات وصار السكان فيها أكثر اعتناءً من قبل بنظافة وآكلهم ومشاربهم ومساكنهم وملابسهم وأجسادهم , فالفضل في ذلك للطب الذي عرف كيف يستفيد حالاً من العلم. وسوف تخفّ الأمراض جداً وتقلّ ويلاتها كلما اصطلحت نظامات الاجتماع ومكَّنت الطب من العمل بقواعد علم الصحة كما هي معروفة له اليوم. بخلاف الطب الاجتماعي فإنهُ لم يتقدَّم على نسبة تقدُّم العلم اليوم فهو لم يتعرَّف طبائع الاجتماع وطبائع الجناة جيداً. وشرائعه الشافية ونظاماتهُ الواقية لا تزال قاصرةً جدًّا عن المقصود وما ذلك إلاَّ لأن نظرهُ في طبيعة الاجتماع لم يتغير كثيراً عم كان في الماضي , ولم يتيسر لهُ حتى اليوم تطبيق نظاماتهِ وشرائعهِ على النواميس الطبيعية التي اكتشفها لهُ العلم. والحق يقال أن هذا التطبيق محفوف بالمصاعب لأسباب كثيرة ناشئة عن غلبة تعاليمهِ الدينية والأدبية في شرائعهِ ونظاماتهِ وتأثيرها في طبائع أفراد المجتمع أنفسهم. فإذا كان الطب قد استفاد كل الفائدة من العلم الطبيعي فلأن موضوعها واحد فلم يكن يمكن فصل أحدهما عن الآخر
بخلاف سياسة الاجتماع فهي حتى الآن لا تزال للأسباب المتقدمة باقية في واد والعلم الطبيعي يسير في واد آخر. ولا يستفاد من ذلك أن الاجتماع لم يستفيد من حركة العلم اليوم في سياساته فإن إنكار ذلك مجازفة فأمراضه الوافدة قلت جدًّا فقلت حروبه وانكسرت حدَّة ثوراتهِ وخفت وطأة قلاقله. ولا شك أن الجرائم والجنايات قد قلت كذلك عما كانت في الماضي البعيد. كل ذلك لسهولة