أوربّا؟ ألم يستو على عرش مصنوع من عظام القتلى , ومصبوغ بدمائهم. وكان الفضاء مملوءاً بدويّ مزعج: أنين الأرامل وبكاء الثواكل , وعويل النادبات؛ من ساحة أوسترلتز إلى براري موسكو. ثم حدث بعد ذلك سكوتٌ طويل , لأنَّ الكائنات حبست أنفاسها لتنظر إلى مشبح ذلك الطاغية. ونادي المرّيخ ابنه فقال تقلدّ سيفك , أيها الجبار , ولا يغرّك نجم سعدك؛ فإن بعد أوسترلتز , موسكو؛ وبعد مارنجو , واترلو! وكانت ألبا تتثاءب , والقديسة هيلانة تفتح ذراعيها؛ وقد بدأ الشهاب المذنّب بالسقوط من علوّه الشاهق , فترك وراءه خيطاً ضئيلاً كان يضعف كلما اقترب من الأفق. ولاحت في ذلك الأفق غمامة سوداء بقدر كف اليد؛ ثم أخذت تكبر وتعلو , إلى صارت تتهدد ذلك النجم اللامع. ولمح نابوليون تلك الغمامة , فأراد أن يموت كما تموت الجبابرة. فصاح بالكائنات صيحة مرعبة من على قمة الأهرام وقال أيها الجنود , أن أربعين قرناً ننظر إليكم من قمم هذه الأهرام ثم مرّت الأيامُ , وذلك النسر يبسط جناحيه على المسكونة؛ وكان خفوقهما يقلق
العمالقة في قبورها , ويلقي هلعاً في قلوب البشر. إلاّ إنّ لكل جليات داوداً في ذلك اليوم سخر نابوليون من ولنتون. فأجابه ولنتن: غداً نلتقي في واترلو!.