للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأمرك برباط القناعة. ومر نفسك ومرهم بأن لا يقللوا من مقدار نفوسهم ليكثروا من قدر ثروتهم. وكن غليظاً شديداً على من يهبك هبة لتعمل له عملاً. وإذا كنت كاملاً عفوفاً فقد أمنت نفسك ومن يلوذ بك. ولا يرتدع من يحاول أن يرشوك إلاَّ إذا أظهرت له الكمال والعفة , وأبيت عليهِ التمليق والإكرام. ولا تجعل لأحد سبيلاً يمكنهُ من إساءة الظن بك. فإن الشك أول مراتب اليقين. ومن شك في أمانتك لا يلبث أن يؤمن بخيانتك. واعلم أن من تناءَى عن مشربه قد يحرّك نفوس أهل الشر والعدوان فيرتابون من أمره. فإذا شئت أن تتحول عن مبدأ منت بهِ شيئاً. ولا تخفِ عليهم من أمرك شيئاً. ولا تقرّب إليك من هو أقل في

المقدار فقد يظن أهل الشر أنه واسطة في الشر وأن المال يأتيك على يديه. واعلم أن الحدة والخشونة تولدان الكراهية والبغضاء. أما الصرامة والجفاء فتولدان الخوف والتبجيل. وكن إذا شئت أن تلوم من يستحق اللوم مهاباً وقوراً ولا تكن قادحاً مهيناً. ولا تكن ليناً فتعصر فإن اللين يورث الذل والهوان. ومن يسرف في تبجيل الناس فقد أودع نفسه في أيديهم أسيراً. وللشهرة تأثيرٌ في خلق الرجل. وكان أحد الحكماء يقول: إن أكابر الرجال صناديق مقفلة مفاتيحها الارتقاء إلى ذروة المجد. فإذا بلغ أحدهم غايته , فتح وبان ما فيهِ أن خيراً وأن شرًّا فشرٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>