فقضى فيها سنة جاء بعدها للاصطياف في لبنان , فأدركه المرض في منتصف الليل , وفي صباح اليوم أجري له الدكتور هاش عملية جراحية فلم تنجح , وقضى بين قلوب تتفطَّر ودموع تتقطَّر. وكان جميل الصورة غضّ الإِهاب كثير اللطف جميل العشرة وفير المحبة لمسقط رأسهِ وأوطانهِ , وكان كأخيه نشيطاً , يصرف أوقاته بالعمل. فإنهً مع انصرافهِ إلى التدريس والصحافة طول حياته , تمكَّن من تأليف بعض الكتب , ولو أمدَّ الله بحياته , لكان من أكبر خدمة العربية ومن أقطاب العلم والأدب , وله فضل كبير على فئة كبرى من الناشئة التي أخذت عنهُ ونهجت منهجه في طلاوة العبارة وتحدّي الذوق فيها. وكان ضليعاً في اللغة , علاَّماً في علوم الصرف والنحو والمعاني والبديع والبيان والخطابة. وكان شديد النفرة من الكتب القديمة لهذه العلوم لما فيها من التفاصيل الفارغة التي تذهب بوقت التلميذ فتنحت من جلَدِهِ وعزمه , فشنَّ على ذلك غارةً شعواء وشمَّر عن
ساعد الكدّ لتأليف سلسلة كتبٍ في العلوم المذكورة على السياق الافرنسي. فوضع للصرف وللنحو سلاسل هي اليوم عمدة التدريس في المدارس الكبرى والصغرى في سوريا , ولعلها في مصر أيضاً , ولو استطالت حياته لأتى بالكتب المنوية لعلوم البيان على الطراز المُعلَم , وهذه السلاسل المذكورة خير ما ألف ويؤلف النحَّاة للتدريس. ومن تأليفه كتاب المراسلات نحا فيهِ نحو أخيهِ سعيد في إنشاء الرسائل المتنوّعة , ولكنهُ دون كتاب أخيهِ حجماً وجمالاً. أما الكتب