ومجتمع راقٍ , حِكم بليغة , وملاحظات دقيقة مسبوكة فب ألطف قالب وأبلغ أسلوب فاجتمعت لذة البصر والسمع والعقل. كلّ روايةٍ من تلك الروايات ترمي إلى تمجيد إحدى الفضائل , أو شجب بعض الرذائل بطرق متنوعة تتراوح بين الهزل والجد: فهذا يهذّب نفسك والابتسامة على ثغرك , وذاك يرقي عواطفك والدمعة في عينيك فلكلّ مؤلّفٍ أسلوب , ولكلّ أسلوب طريق إلى القلوب. هذا ما شعرنا بهِ في ليالي أبيض , وهذا ما رأيناه بأم العين بعد ما سمعنا بهِ من تأثير الروايات في رقيّ الشعوب. ومقابل ما وجدنا من اللذة , وجنينا من الفائدة في تلك الليالي الغرّ , أزفُّ كلمة تهنئةِ وكلمة شكر إلى جورج أبيض على الخطوة الكبيرة التي خطاها في هذا الفن , وأشرك معهُ من التفَّ حولهُ من الممثلين والممثلات , ولا مجال لديَّ اليوم لأذكرَ كلّ من يستحقُّ الذكر. كلمة التهنئة والثناء واجبة أيضاً لمن ألبس تلك الروايات الإفرنجية حلةً عربية قشيبة. فقد عرفنا قلم الفيَّياض كاسمه فيَّاضاً يتدفق بالمعاني كسلسبيل الماء , ويتفجر منهُ الكلام وكله عذوبة وسهولة وصفاء. ورأينا من بيان منشئ الجامعة في الساحرة سحراً يفتن الألباب. أما المرحوم عثمان دلّنا إلى ما يمكن استخراجه لمسارحنا من
تلك اللغة العامية المملوءة جزالة وعذوبة وإلى ما فيها من النكات والتلاعب بالألفاظ مع سهولة فهمها وطَبَعية التخاطب بها. وأن في نجاح الممثلين الباهر في تلك الروايات وتصفيق الحاضرين المتواصل لأكبر دليل على ما أقول. ويا حبذا لو جاد الزمان بزجَّال من طبقة عثمان جلال , فإنهُ ولا شك قادر على إدخال نوع الكوميدي الذي كنا نقنط من وجوده في لغتنا. ولا تنسيني كلمات التهنئة التي أصوغها للمثلين والمترجمين كلمة شكر خصوصية أوجهها إلى رجل يدير كل هذه الحركة كالزنبلك ويكاد لا تراه عين عنيت عبد الرزاق بك.