نجيء على هذا أو بعضه حتى يعرض لنا خبر ينسينا فظائع ما قرأنا من قبل كأن يقف بنا الكاتب أمام عانةٍ من الذئاب تفترس أشلاء القتلى بل قد تصيب جريحاً منسياً فتنشب أنيابها فيهِ وهو لا يجد بعض القوة ليدفعها عنهُ , أو قبالة مئات من الغربان والعقبان والثعالب وبنات آوى يتألبن على الجثث , وينقرنَ الصدور , ويبقرنَ البطون , بل قد يقعنَ أيضاً على الأحياء في النزع الأخير فيمثّلن بهم تمثيلهنَّ بالموتى , ثم ينقل إلينا البرق مختصر الآراء , وملخص السياسة , وموجز الأنباء عن التحام الجيوش وتفانيها في القتال فنكاد لا نعي من الصباح إلى المساء غير أخبار الحرب , وأحاديث الطعن والضرب. تلك هي الحرب اليوم فواهاً لها من صورة للمدنية في القرن العشرين!! وتلك هي عاقبة السياسة التي يسمونها سياسة تنازع البقاء!. قوتل الإنسان ما أكفره!!
عقبى الحرب - قد تنتهي هذه المجازر البشرية عن قريب فإذا ختمت بفشل العثمانيين أضاعت الدولة التركية أملاكها في أوروبا وفقدت بفقدها نحواً من ستة ملايين نفس من رعاياها , وإذا تمَّ لها الفوز أو بعضه قبل أن تضع الحرب أوزارها كانت الخسارة أقلّ والأضرار اللاحقة بها أخف غير أن انتصار الدول البلقانية المتحدة سيؤدي على الأرجح إلى مشكلةٍ كبرى بينهنَّ تكون عقدتها في كيفية اقتسام البلدان المكتسبة لهنَّ. وقد ظهرت بوادر هذه الأشكال من خلال احتلال اليونانيين لسلانيك ومصادرتهم دخول البلغاريين إليها , ومن سياسة السرب مع الألبانيين