للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعودة إلى أشغالهم الخاصة. ومن هذا يستدلّ على أن الجنود كانوا مكلفين بوظيفة الجندية لمدة غير محددة. أخذ يزداد عدد هؤلاء الجنود وهم فريق المشاة ثم كثرت وظائفهم فدفعهم الطمع المركوز في فطرة البشر إلى ما أفسد نظامهم , فخطر للسلطان حينئذٍ أن يؤسس جنده على طراز آخر , لا سيما وقد تبين أن خروج هؤلاء الجنود المشاة عن طاعة السلطان نتيجة طبيعة لنظامهم القاضي بأن لا

يكونوا جنوداً موظفين تماماً , بل هم نوع من الجند المأجور للخدمة في زمن الحرب ليس إلاّ. ولما تداول رجال الدولة في هذا الأمر وضع قرة خليل الشندرلي لائحةً قال فيها أن استقلال العثمانيين يظلُّ مهدداً بالخطر ما دام الجيش مؤلفاً من التركمن الرومانيين ومن هؤلاء المشاة. وهو يرى أن خير دواء لهذا الداء أن يؤخذ من الفتيان المسيحيين الذين دخلوا في الرعاية العثمانية مقدار ألف شاب في بضع سنوات وتصرف لهم علف وتعينات كافية باسم وظائف الحضر والسفر. فوقع اقتراح قرة خليل من رجال الدولة أسن وقع. وعلى هذا سنوا نظام دويشرمهْ للوصول إلى هذه الغاية. قضى نظام الدويشرمهْ بأن تأخذ الدولة في كل سنة ما استطاعت من الأطفال المسيحيين وأن تعني بتربيتهم وتهذيبهم إلى أن يبلغوا سنّ التجنيد , وعندئذٍ يرسلون إلى الثكنة العسكرية في العاصمة , ويُصرف لكل واحد منهم في كل يوم أقجة واحدة ربع درهم شرعي. وقد اقترح الحاج بكتاش ولي أجد رجال الصوفية على السلطان أورخان أن يطلق على هؤلاء اسم يني شري بمعنى الجندي الجديد فأجاب السلطان مقترحة. ذلك هو أصل الجنود الانكشارية وهذا سبب تسميتهم بهذا الاسم. ولم تكن أوروبا يومئذ قد ابتدأت بتأسيس الجندية النظامية , إذ أن فرنسا نظمت جيش لمشاة في زمن شارل السابع سنة ١٤٤٧م وأطلقت عليهم اسم فرنك أرتير في حين أن العثمانيين نظموا جيش الانكشارية سنة ١٣٢٦م. وعلى هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>