الحروب فيزيدون في شرف دولتهم ومجدها. ويحدثون القلائل والفتن الداخلية في زمن السلم فيضعون بنين البلاد. ولما كان عهد السلطان محمود الثاني بلغت الروح التراق وجاوز الحزام الطيبين فأدرك السلطان إن لم يبقَ لوجود هذا الجيش فائدة تذكر وكان قد أحس منذ كان وليَّ العهد بمسيس الحاجة إلى جيش معلّم فشرع سنة ١٢٤١ بتأليف جيش دعه اشكنجي وأبلى في هذا السبيل بلاءً حسناً ثم نجح في محو اسم الانكشارية من الجود , أولئك هم الانكشاريون الذين رفعوا مجد الدولة إلى هام العلى وأسمى الذرى ثم دخل بينهم خليط من السفلة والأدنياء فأفسدوا تربيتهم وبدلوهم من النظام اضطراباً ومن الطاعة والامتثال تمرداً وعصياناً فتجاوزوا حدودهم وطوحوا بالبلاد إلى مهاوي الهلكة ومدارج الانحلال حتى أدركهم السلطان محمود لثاني فدمرهم وأنقذ البلاد من شرورهم. وسنّ قانوناً جديداً كان مقتضاه إن جمعت جنود جديدة باسم العساكر المحمدية المنصورة وكان السلطان جديراً إن يدعى باسم مجدد القوانين العثمانية.
ولما جلس السلطان عبد المجيد على سرير الملك أيد مشروع أبيه بنصّ الخط. السلطاني الذي قريء في الكلخانة وكان فيما جاء عن الجندية في الخط السلطاني ٠٠غن طريقة الجندية حتى الآن لم يكن يلاحظ فيها عدد نفوس كل بلدة بل يطلب للجندية من بعض البلاد ما يزيد عن درجة احتماله ومن البعض الآخر أقلّ مما يجب , وهذا أمر ينافي العدل من
جهة ويضرَّ في شؤون الزراعة والتجارة من جهة ثانية , وفوق ذلك فإن استخدام فريق من الناس في الجندية طول العمر يبعث في نفوسهم الملل واليأس وينتج قلة النسل - من أجل ذلك تفضلنا بإبطال هذه الطريقة العميقة والجري بعد الآن على طريقة خير منها يكون من شأنها أن يطلب للجندية من كل بلدة مقدار معين لزمن معين. ولهذا تفضلن في هذا الخط السلطاني بوضع طريقة القرعة العسكرية وسننا لذلك نظامات خاصة