فهو اليوم في الثانية والخمسين من مره. أما حياته فهي سلسلة جدّ ونشاط , وأما تقدّمهُ فهو السائر في مراحل الترقي بالسرعة التي يمشي بها كبار الرجال , فكانت كل درجة من درجات الارتقاء التي وطِئَها قذَّافةً بهِ إلى درجة أعلى حتى لقد أصبح في كهولتهِ في أعلى القمم التي يمكن أن يحلم بالصعود إليها إنسان: في الثانية والعشرين من عمره كان سكرتيراً لمؤتمر المحامين؛ وزيراً للمعارف؛ وفي السابعة والأربعين عضواً في مجلس نقابة المحامين؛ وفي الثامنة والأربعين عضواً في الأكاديمي؛ وفي الحادية والخمسين رئيساً لمجلس النظار؛ وفي الثانية والخمسين رئيساً للجمهورية. هذا هو ملخص حياته المجيدة , وتقدمهِ المدهش. ولا تكون مثل هذه الحياة إلاَّ لرجلٍ نابغة متفرّد بصفاتهِ. وأهمّ تلك الصفات إرادة شديدة , وفكر نيّر , وثبات في العمل , وقد زانتهُ الطبيعية بصفات قلما اتفق اجتماعها في نفس واحدة فبينا تراه كاتباً بليغاً إذا بك تراه عالماً مدققاً , وبينا تقرأه فيلسوفاً مفكراً , إذا بك تجده شغفاً بالفنون الجميلة , وبينما تسمعهُ خطيباً تهتز له أعواد المنابر , إذ بك تراه هادئاً ساكن الجأش. قال الأب مرشال أستاذه الأول وقد اتصل به صدى خطبه الرنانة: لو كنت أعلم أن بوانكاره
سيستعمل لسانه بمثل هذه الزلاقة ما كنت عاقبتهُ مراراً على الثرثرة في خلا الدروس هذا وأما انتخابه لرئاسة الجمهورية فقد كان له أعظم وقع في فرنسا