ما هو الموت؟ هو الانطفاء كالنور، هو نسيان المرء نفسه وكل حوادث ماضيه كما ينسى الأشباح التي يراها في حلم خاطف، هو إبرام علائق جديدة بالعالم الرباني، هو الدخول في منطقة أعلى، هو خطوة نحو ارتقاء الخليقة لا يقدر عليها الإنسان.
فلماذا نخاف من الموت وما هو الانتقال إلى حالة أحسن. لماذا، عندما نفكر بانحلالنا، نزيد حباً بالحياة أية كانت؟
ليس خوفنا من الموت بل من تصورنا للموت. فأبعد هذه التصورات عن فكرك، وانظر إلى الموت كما هو، يقل هول الموت في عينيك.
لا قيمة للحياة إلا إذا استعملناها لإصلاح نفوسنا، وتزيين عقولنا بأشرف الصفات، ونشر السعادة حوالينا. وعندما نعجز عن ذلك لتقدمنا في العمر فنفقد كل أمل بالتقدم في هذه الطريق، تكون الحياة قد فقدت قيمتها الكبرى.
تستولي علي قشعريرة باردة عند التفكير في الموت وكأن كل عرق فيّ يحاول مقاتلة الانحلال والانفصال. ومع كل ذلك لابد من الموت.
لماذا جئت هذا العالم؟ ولماذا لا أرى الموت كما أرى الحياة، وأنا قد منحت كليهما على غير إرادة مني!
ما عساني أن أكون بعدما أجد من شكلي الإنساني وأقطع من البشرية؟ أن هذا الريب أو الشك في ما سوف ينتظرنا هو الذي يملأنا رعباً. والظلام الذي يغشي المستقبل هو الذي يفرحنا بالنور الآن. نقدر ما في يدنا حق قدره فنخاف أن نتركه تلقاء شيء لا نعرفه.