كأنَّ الرياح ذات سيوفٍ ورماح , تجرح من تحبُّ , وتقتل من تريد بلا حساب , وما عليها من جناح. بل أضاف بعضهم على ذلك فحسبها ممن يحبلنَ ويلدنَ فقال:
قد رقَّ حتى خلْتُهُ ... بحشي النسيم تخلَّقا
فهل سمعت بربّك أو رأيت مثل هذه الصقاعة والرقاعة؟؟؟ والانكى من كل هذا أن تلك الحالة على بردها وثقلها , وانتقادها الشديد على أصحابها , قد لجّ بنا داعي التقليد والحرص على التحدي , أن نتلبس بها , ونزاولها فقلنا , ونحن نتوب إلى الله من هذه الوصمة:
يا نسيماً يأوي الغداة جنانا ... حُورها العِيْن يستلبنَ الجَنانا
مازَجتْهُ أجسامنا وهي قَتلى ... فاستردَّت أرواحها موتانا
وسرى في مسامّ صرعي الغواني ... فاغتدى الكلُّ ناشطاً جذلانا
هل تموَّجتَ فوق سوسَن خدٍّ ... ضمّ ورداً يجاور الأقحوانا
أو لمست النسرينَ حول جبينٍ ... ألبستهُ ألبابنا التيجانا
أو تسللتَ بين بُردٍ ونهدٍ ... فوق صدرٍ رمَّانهُ قد رمانا
أو تطرَّقتَ الأعضاد تمشي الهوينا ... وحللتَ العروش والأيوانا
وسرقتَ الشذا المعّطرَ منه ... وانتشقتَ الخزام والسيسبانا
وأتيتَ الرفاقَ تختال عُجباً ... ثملاً من أنفاسها نشوانا
تتهادى ما بين نفحٍ وطيبٍ ... صيَّر العقل صاحياً سكرانا؟
أي وربي فعلتَ هذا وإلاّ ... من تراه أولاك ما أحيانا؟
ثم انظر ناشدتك الله إلى التحكم البادئ من شاعرٍ آخر يخاطب نسيماً جاءَهُ من نجد: