رغبتم , أيَّد الله بكم دولة العلم والأدب , أن أضع بين زهوركم ورقة يتمثل عليها شيء من تفكراتي , ولو أطلعتم على قلبي , وعرفتم كم أقدر الزهور حق قدرها , وكيف أتهيَّب أن أضع بينها مثل هذه الورقات , لما سمحت مكارمكم الأدبية أن تضعوني بين مشكلَين من تلبية هذه الرغبة الشريفة , والأحجام عنها. أما وقد قضى حظّي أن تخفي عليكم حالي , مع وضوحها وقوة فراستكم , فإن الأقدام رجح عندي على الأحجام , وشجعني على ذلك أنَّ فوضى الأقلام قد تستطيع تعاريجها أن تخفي مثل هذه الورقات فلا تنفذ إليها أعين الحذاق. ولا أكتم عنكم أن ما شغل الأفكار هذه الأيام من هبوب عواصف السياسة من الغرب على الشرق , ومن الشرق بعضه على بعض , قد حال بيننا وبين مجالات الكتابة؛ لأن المجال إن كان في السياسة , فهي قاضية أن ليس كل ما يعلم فيها يقال , وإن كان في الأدب , فمعلوم أنه لا محل للموسيقى حين تكون المدافع قائمة بدورها على أبواب البلاد , وإن كان في الفلسفة , فلها رجال لا أرى غني من طبقتهم , ولا تسمح نفسي إن تحشر في زمرة الطبقة التي لا تستحق في نظر الناس إلاَّ أن توسم بالتقليد؛ فلأجل هذا كله وقفت طويلاً أمام تكليف صديقي صاحب الزهور وقفة الحائر , ثم انطلق لساني يقول: كيف الخلاص من الزهور. ولما قلت هذه الكلمة وجدت ضالتي؛ فإن ذهني انتقل إلى موضوع يصح أن نسميهُ جليلاً. ذلك أن لاحت لي العلاقة العظمى التي البشر والأزهار , ورأيت أن هذا النوع بأجمعه غير