رأيت الناس تربطهم بها هذه الرابطة العظمى , بحيث لا ينفكّون كلهم عن طلابها , والخضوع لتجلياتها - لما رأيت هذا المرأى الغريب الذي يقلّ التنبه له , هان عليَّ عدم إمكان التخلص والتملص من أمره الزهور وسهل عليّ الدخول في موضوع قد يصح ن يأوي إلى هذه الرياض لأنه متعلق بالزهور.
العلاقة التي بيننا وبين الأزهار
قلت أن العلاقة بيننا وبينها عظيمة والآن أزيد فأقول: هي عظيمة جداً. وهذا أراه يحتمل شرحاً كثيراً , وأبدي أسقي على أني لم أجد من الوقت , ومن تفرّع الفكر ما استخدمه في هذا الشرح على مقدار ما يحتمل الموضوع , فأنا أكتفي بإشارات قليلة فإني لا أخال أن للزهور قرّاء من غير الأذكياء , وأولئك تكفيهم الإشارة. إن العلاقة بيننا وبين الأزهار هي علاقة التربية؛ أي أننا نحن نرّبيها وهي تربينا , وهي مساعدة في حفظ نوعنا , ونحن مساعدون في حفظ أنواعها. ولما كان من حكمة ذي العناية أن يكون طلبنا لما نحتاج إليه من الأشياء الضرورية بسوائق طبيعية , وضع فينا سوائق جمة متنوعة بتنوع ما نحتاج إليه؛ وأعظم السوائق حبّ الجمال. ووضع سبحانه فيما نحتاج إليه , ويحتاج إلينا , جواذب جمة متنوعة أعظمها الجمال. ففي الأزهار قوى تجذبنا , ووفينا قوى تسوقنا إلى محبتها. ولست أدري أشاعرة تلك الحبائب بهؤلاء المحبين , وأتربّينا لجواذب فينا تجذبها ,