وهناك أسلوب آخر من تربيتها إيانا يذوقه الصوفيون , والفلاسفة الروحيون؛ فلا نتعرض له ههنا.
كيف نرّبي الأزهار
هذا المطلب من الموضوع نترك بعض جهاته لعلماء الزراعة , ونأخذ نحن بجهة واحدة منه؛ وهي أن التقليد الذي يدخل في كل شيء قد دخل أيضاً في تربية الأزهار التي اعتاد الناس أن يزينوا بها حدائق البيوت. ذلك أننا رأينا أكثر الحدائق إنما تحتوي على أصناف من الأزهار معهودة عند الكل في الغالب , في حين أن الأزهار التي تحتوي عليها أرض الله الواسعة تكاد لا تحصى. هذا التقليد قد يذكّرنا بجمود أكثر الأفكار على ما عرف الأولون , من غير تأمل , في ذلك الذي عرفوه خطأَ أو صواباً؛ وإذا انتقل الفكر من الجمود في تربية الأزهار , إلى الجمود في تربية العقول والنفوس , يرجف القلم ويستعفي من الخوض فيه؛ فليعذره القارئ إذا أراد أن لا يترك لذة الوقوف مع الزهور , وقفة الذاكر جميلها وجمالها , المتعلم من حكمة التي تتجلى لي كلما رأيتها تزين الرياض والحدائق , وهي أن تسبيح بديع الأكوان كلها يكون بالروح والجنان , كما يكون باللسان , وإنْ مِنْ شيءٍ إلاَّ يُسَبّحُ بحَمْدِهِ ولكنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحهُم.