للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عقيلة كامبان وهذه ناولتها للأميرة. وبينا هنَّ على تلك الحالُ حكَّ الباب مرة أخرى , وولجت كونتة بروفانس؛ ولما كانت هذه الأميرة سلفة الملكة كان لها الأفضلية على دوقة أورليان فسلمت القميص إليها. وفي أثناء ذلك كانت الملكة العريانة ترتجف من شدة البرد. وكل ذلك كان لئلا تتخطى حدود قواعد الرسميات. ولما رأت عقيلة كامبان أن الأمر قد طال. وأنهُ يُخشى أن تصاب الملكة بزكام من ذلك البرد , وإن قواعد الرسميات لا تدفع عنها غوائله الذميمة , تناولت القميص وبادرت إلى إلباس الملكة دون أن تنزع قفازيها , ودون أن تحترم قبّة الشعر العالية المبنية فوق رأسها. فتبسمت الملكة لعمل عقيلة كامبان , وإن يكن قد ساءَها من جهةٍ خرق حرمة الرسميات. قال الكاتب بولس لويس كوريه: إن الرسميات تصيّر الملوك عبيداً للبلاط. ولقد أصاب وايم الحق هذا الكاتب في قوله , لأن أولئك الملوك لم يكونوا يستطيعون أن يخطوا خطوة واحدة , أو يبدوا أدنى إشارة , دون أن يتدخل للحال في أمرهم إنسان ليس منهُ فائدة. ومما هو أغرب من ذلك أن هذه الرسميات مع صرامتها في بعض الشؤون العادية كانت في غالب الأحيان مهملة في أمور كثيرة عظيمة الأهمية. كان للملك لويس الخامس عشر عدد كبير من الخدام القائمين على خدمته في لبس ثيابهِ وعلى المائدة وغير ذلك. ولكنهُ لم يكن لديهِ خادم يوقد النار في غرفتهِ ليدفئها. وقد قال لعقيلة دي باري أنهُ كان غير مرة في فصل الشتاء يضطرّ بذاتهِ إلى إيقاد النار في غرفتهِ ليصطلي عليها. أقبح ما في الرسميات أن المقرّبين من الملك كانوا يضربون حولهُ نطاقاً يحول دون وصول الحقائق إليهِ؛ فيبقى بينهُ وبين الشعب حاجزٌ حصين , فالرسميات التي كانت تحجب حاجات الشعب وأمانيهُ عن علم الملك , كانت داعياً إلى إضرام نيران الفتن. فقد حدث في اسبانيا من الفتن ما لم يحدث في غيرها من البلدان

<<  <  ج: ص:  >  >>