الحفلة تزيد في لذة الطعام لكانت مغتفرة. ولكنها كانت تذهب بلذتهِ لأن الطعام كان يبرد في أثناء ذلك. وظلت تلك الحفلات الرسمية المستهجنة معمولاً بها حتى اتقدت نيران الفتنة الكبرى فأخذت الملكة ماري انطوانت , زوجة الملك لويس السادس عشر , منذ قدومها إلى الديار الفرنساوية , تتذمر من تلك الرسميات برسائل كانت تخطها إلى والديها. ولما زُجّت في السجن بعد الثورة قالت: إني استفدتُ شيئاً من الثورة فقد تخلصتُ من الرسميات فليحكم القارئ من الحادثة الآتية عما إذا كانت الملكة مصيبة أو مخطئة في قولها هذا: حدث ذات يومٍ من أيام الشتاء أن الملكة ماري انطوانت كانت تغيّر ملابسها وقد تعرّت , وأوشكت أن تلبس قميصها. وكانت عقيلة كامبان قيّمة غرفة الملكة حاملة القميص مطويّاً. فدخلت إحدى نساءِ الشرف , ونزعت قفازيها , وتناولت القميص من القيّمة - ولا بدَّ من أن يعلم القارئُ أن الرسميات كانت تقضي على كل شخص يقدّم شيئاً ما إلى الملك أو الملكة بأن يكون عاري اليدين - فأخذت سيدة الشرف القميص وهمت بإعطائهِ إلى الملكة. وإذا بالباب يُحكُّ - وينبغي للقارئ أن يعلم أيضاً أنهُ لم يكن يجوز لأحد أن يقرع باب الملك أو الملكة , بل كانت الرسميات تقتضي أن يُحكُّ الباب قبل فتحهِ - فتح الباب ودخلت دوقة أورليان - وهنا تبدو صعوبة
أخرى وهي أن قواعد الرسميات كانت تقضي بأنهُ إذا دخل على الملك أميرٌ من الأسرة المالكة , أو دخلت على الملكة أميرة من بيت الملك , حين يكون الملك أو الملكة يلبسان ثيابهما , كان من حقّ الأمير أو الأميرة أن يقوم مقام السيد أو السيدة المنوط بهما أمر تقديم الملابس للملك أو الملكة. دخلت دوقة أورليان ونزعت قفازيها , وهمت بأخذ القميص من سيدة الشرف. ولكن الرسميات لم تكن تجيزه لهذه السيدة إعطاءَها القميص فأعادتها إلى