يبقَ لها أثر في الصدور. نعم أن الترك أحرجوا بطرس يوماً فاضطر إلى توقيع معاهدة بروت على شروط لا ترضيهِ ولكن خلفاءَه انتقموا له أيما انتقام: وهذو معاهدة قينارجه - وقد أبت كاترين أن يوقعها الروس إلاَّ في مثل اليوم الذي وقعت فيهِ معاهدة بروت - ومعاهدة أدرنة ومعاهدة سان ستفانو كلها تشهد بأن نجم بني رومانوف كان أعلى من نجم بني عثمان وتبين الأسباب التي جعلت كلمة روسيا في الأستانة فوق كل كلمة. أما العنصر السلافي فقد كان ارتقاء روسيا وصعود نجمها في العالم السياسي خير منشط لهُ فدبت فيهِ روح جديدة وأخذ أبناءُ السلاف في كل مكان يحولون أنظارهم إليها والاتحاد معها وأن الاستظلال بظلها وأثبتت الأيام أنهُ لا تقوم لهم قائمة إلاَّ بالانضمام إليها والاتحاد معها وإن خالف ذلك منهم عاد بصفقة المغبون. وما كان بنيامين السلاف ليقف وقفتهُ اليوم ويخاطب النمسا ومن يشد مشدَّها بلهجة تحجم عنها الدول الكبرى لولا أن روسيا من ورائهِ تثبت عزمه وتشدّ أزره , وبيض القطا يحصنهُ الأجدلُ. والحق أن روسيا قد فعلت في سبيل أبناءَ جنسها ما لم يفعلهُ غيرها في القرون الحديثة وربما كان السبب في ذلك أن أبناءَ جنسها أكثر حاجة من سواهم إلى المساعدة والتعضيد. ولم تنحصر عناية الروس بأبناءَ السلاف فقط بل تناولت جميع الذين على مذهب الأرثوذكسية أيضاً فكان لليونان والسوريين حظ وافر منها والمشهور أنهُ لولا الروس ما قُرع جرس في سوريا ولا ارتفع صليب في جنازة مسيحية ولذلك كنت ترى المسيحيين العثمانيين بوجه الإجمال ضالعين مع روسيا في حربها مع اليابان ولم يخرج عن هذه القاعدة سوى نفر من تلاميذ المدارس الأميركية لم تبلغهم عبر الماضي أو ظنوا أن الانتصار لدولة غير مسيحية على دولة مسيحية يعد دليلاً على