ويمتشق قلمه لمحاربة زميله الذي شرب معهُ المدامة سائغة!! وزهت دولة التمثيل والممثلين تحت زعامة المطرب المبدع الشيخ سلامة حجازي فعمدوا إلى باربريكلي أمام مرسح اسكندر أفندي فرح فلم تكن تقع العين في هذا البار إلاّ على ملحن ينشد دوراً أو ممثلة تراجع فصلاً أو مترجماً ينقل رواية جديدة ففي ناحية فهيم وأبو العدل وعلى مائدة مريم سماط وميليا ديان. وفي منعرج إلياس أفندي فياض وعبد الرزاق بك عنايت وفي غرفة اللعب جماعة آخرون ممن ضايقنهم جلبة زملائهم ففضلوا عليهم كسب أو خسارة بضع قروش في لعبة السبعة ونصف. وأنشأ المسيو اندريا في شارع عابدين قهوة خصصها لطلبة مدرسة الحقوق الخديوية وعنونها باسم مدرستهم فتهافتوا عليها وانضم إليهم جماعة من طلبة مدرسة القضاء الشرعي وبعض طلبة المدارس العالية الذين يسكنون في حي عابدين. فكن الجالس في هذه الندوة لا يسمع إلاّ اسم فوستان هيلي ودالوز ومناقشات فتيان القضاء في الشؤون الأدبية الحاضرة وأحوال السياسية الداخلية. ولبثت هذه القهوة زاهرة بأهلها حتى أنشئ نادي المدارس العالية وعنيت الحكومة بمراقبة التلاميذ ومنعهم عن الاشتغال بالسياسة قم سميت قهوتهم قهوة الحزب الوطني فقهوه وبار القمر ولا يزال الكثيرون من المحامين ورجال النيابة والقضاة الشبان يحنون إلى هذه القهوة ويذكرون بها أحلى أيامهم التي قضوها فيها مشتغلين بالأدب ودرس القانون. وقد اندرست هذه الأندية الحرة بتحوّل الأدباء عنها ولم يبق غير الاسبلندد بار التي يهددوننا بزوالها بعد أن رنت في ساحتها أصوات الأدباء وأهل السياسة عشرين سنة متوالية ولم ينصفها أحد بكلمة قبل حضرة الكاتب الفاضل اسكندر أفندي شاهين رئيس المحرّرين في جريدة الوطن أو بعده إذ كتب عن جمعيتها مقالة في مجلة سركيس منذ سنة هي كل ما أُرخت بهِ هذه الندوة