الذين نفتهم الحكومة العثمانية في عهد عبد الحميد ففيها كتب محمد أفندي قدري - الكاتب التركي العربي الشهير - وأحمد بك سيد - ناظر الضربخانة العثمانية سابقاً - وصاحب ميزان أبلغ رسائلهم التي هزّوا بها أركان السلطنة العثمانية وفيها بدأ السيد عبد الرحمن الكواكبي يبث آراءه الحرة في إصلاح الشرق وأهله. واتخذ بعض الأدباء السوريين قهوة مصوبع بالفجالة محلاً مختاراً لاجتماعهم وكان يرأس هذه الاجتماعات الأستاذ إبراهيم أفندي الجمال ويحضرها المرحوم ميشيل الحكيم وإبراهيم أفندي النجار والمرحوم خليل الجاويش وأخوه نجيب أفندي الجاويش فيقصون ساعة ظهر كل يوم إلى جانب البنك فيتناولون الابريتيف ممزوجاً بما رقَّ وراق من بدائع المنثور والمنظوم. وراقت قهوة الشانزيليزيه في عيني حضرة العالم الفاضل صاحب الهلال ولكنهُ أبي أن يختلط بزبائنها فألف له حلقة من الأدباء وبعض كبار موظفي الحكومة الذين يميلون إلى الأدب والأدباء. فكان يحضر جلستهم كل ليلة سليم بك باخوس مدير الأموال المقررة في محافظة مصر وعزيز بك أبو شعر الموظف في نظارة الأشغال وحبيب بك دبانة من كبار موظفي المالية سابقاً ونعوم بك شقير مدير قلم التاريخ في نظارة الحربية. وكان يتردَّد إليهم من حين إلى آخر الشيخ يوسف الخازن ونجيب أفندي مشعلاني وأخوه تسيب وأنطوان
الجميّل وأمين تقي الدين وولي الدين بك يكن وسليم أفندي سركيس. ومع أن القهوة عامة فإن الغرف التي حجزت لهذه الفئة المباركة لم يكن يجسر على ولوجها غير أصدقائهم ومن يدعونهم لمشاركتهم في مباحثهم الأدبية الرائقة. وكانت المحروسة بار معروفة لسنوات خلت بأنها مؤتمر عصبة شاعر امير أحمد بك شوقي. وكان شوقي نقطة الدائرة ويزين المكان بجانبه خليل المطران ويحيط بهم عشرات من أدباء المصريين ورجال القلم الفرنسويين وفي مقدمتهم كاستنر وكولورا وغيرهما فيقرعون الكاس بالكاس ثم ينصرف كلٌّ إلى مكتبته