وعمرَي كاتبيها وصاحبيها. الآن وجبت التهنئة. ولكن هيهات! لا يهبط الإلهام على الشاعر الموجع. أمَّا وصفك لفروق ونوحُك عليها , فقد هزّا روحي هزّا. رعى الله فروق ما أفتنها. هي أوَّل ثغرٍ بسم لوجهي بعد ثغرَي الوالدين. ثمَّ لم ألقَها بعد ذلك إلاَّ باكيةً وباكياً. ائتلفت العناصر فقامت بها الأشياءُ. وقامت فروقُ من عنصر واحدٍ لست أُدري ما هو , ولكنُّهُ عنصر يُظلم عنده الراديوم. كنت أشتاق إلى فروق لمضياع غير أن فروق ناشز لا تدوم على ودّ. ليتها م تكن. وليتها إذ كانت في دون هذا الجمال. عفا الله عنك! أثرتَ شجوني , وأنا أكاد أعجز عن إجالة القلم ضعفاً. ولقد قلت:
ما لهذا السقام لازَمَ جسمي ... حَلّ مني ما بينَ عظمي وجلدي
كلَّ يومٍ أذوبُ شيئاً فشيئاً ... ولقد ذابَ قبلَ ذلك كبدي
فإذا صرتُ في التراب دفيناً ... خبّروا الشعرَ أنهُ ماتَ بعدي
تعبتُ وكنت أودُّ أن لا أتعب , لأحدّثك طويلاً , لأُساجلك الدموع. وأنَّ أمامي لثلاث قصائد كاملة هي هديتي للزهور ولكني لا أستطيع نسخها , وخطها مشوّش. فاصبر , عسى أن تراجع الحياة شاعرها , فيصدقك روايتها , سلامٌ عليك وشكر لك على ما تولبني من العناية. ليس بشاعر. ولكنهُ رصّاص سرَّاق وهو ينسج على منوال الطبقة السافلة من أمثال ابن الفارض من الشعراء الحشَّاشين أو شعراء البديع. وما زال يعانق غصنَ ألبان والأراكِ حتى لواهُ - لواهُ الله!