أنا الأسدُ الباكي أنا جبلُ الأسى ... انا الرمسُ يمشي دامياً فوق أرماسِ
رقَّت حواشي مهجته وشفَّت عن محرّكات نفسهِ , فسمعنا خفوق قلبه , ورأينا ذلك القلب كما يصوّره:
وقلبي مسموعُ الخفوق معلَّقٌ ... بمنهدمِ الأركان أجوفَ معتلّ
بل ما أبلغ التصوير وما أشدّ التأثير عندما ينادي:
الله في صدر وهي ... وتقوَّست منهُ العظامْ
خاوٍ كجوف الغار تم ... لأُهُ المخاوف والظلامْ
إلاّ سراجاً حائلاً ... فيهِ يُنير بلا ابتسامْ
روحٌ تضيء على ضر ... يحٍ في صميم القلب قامْ
المجال واسع لكتابة درس من أبلغ الدروس النفسية في شعور الشاعر يُقتبَسُ من شعر الخليل بل أن في قصيدته المساء التي أنشدها وهو عليلٌ في مكس الإسكندرية كفاية. فمن يطالعها يرى قلباً أذابته الصبابة والجوى ويسمع الشاعر يشكو اضطراب خواطره إلى البحر وهو:
ثاوٍ على صحر أصمَّ وليت لي ... قلباً كهذي الصخرة الصماء
ينتابها موجٌ كموجِ مكارهي ... ويفتها كالسقمِ في أعضائي
والبحرُ خفَّاقُ الجوانب ضائقٌ ... كمداً كصدري ساعةَ الإمساء
تغشى البريةَ كدرةٌ وكأنها ... صعدت إلى عينيّ من لحشائي
ومن كانت هذه حالته يرى في غروب الشمس دمعة تذرفها الطبيعة على موته فيخال تلك الشمس المؤذنة بالزوال: