للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعمُّ فيهوّنها ذلك العموم , وأمَّا من اللاتي يقلُّ وقوعها , فتمرُّ وتنقلب إلى خير أحياناً. تأمَّل مهما تعاظم مُصاب أهل بيت بميتهم , تجد كلَّ واحدٍ يستطيع أن يهجم على نيران حزنهم برشةٍ من التسلية التي يدور محورها على كون هذا الموت أمراً محتوماً , وشيئاً طبيعيّاً , وأنه سبيل الأحياء أجمعين , وأنه ما من أهل بيت إلاّ وقد أصيبوا بمثل هذا على أنَّ الفوائد التي يعرفها العقلاءُ في الموت يمنعهم عن إدخاله في زمرة ما يسمى الشرور. ينظرون إلى الحاضر ولا يتفكَّرون في العواقب. فتعظم بمثل هذا شكواهم , تأمَّل كم من فقير قد ألمه فقرُهُ , فساقهُ حثيثاً إلى السعي والاكتساب فلم كان فقرهُ السابق شرّاً أم

كان باعثاً لتحصيل لذَّة الغنى المكتسب التي تفوق لذَّة الغنى الموروث. . . وتأمل كم من مريضٍ أزعجهُ المرضُ وأخافهُ , فتذكَّرَ ما كان أهمله في الصحة , فلما أتيح له عناق العافية هبَّ نشيطاً للأخذ بما كان قد أهمله؛ فهل كان مرضه شرّاً , أم كان باعثاً لتحصيل لذّة عمل الواجب بعد إهماله , ومولّداً للذة عناق العافية بعد الصدود. . . وتأملْ كم من عاجزٍ قد أقعده عجزهُ عن كثير مما يأتيه أُولو الأشر والبطر , فأحدث له ذلك صيتاً حسناً , وآتاه حسنُ الصيت قوةً أصبح قادراً بها على نيل بعض ما كان محروماً منه؛ فهل كان عجزهُ شرّاً أم كان موجداً للذاتهِ من حسن الصيت ثم القوة ثم الفوز. . . لعمرك ليس الشرُّ أن لا تكون الآن قويّاً , فإنك قد نقوى وتجد لذةً عظيمة؛ وكم من ضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>