تبثُّ الحياةَ بهذا الوجودِ ... فتُقرأُ آياتُها في الصوَرْ
وأما الغرامَ فلا ندَّعي ... وليس لنا منطقٌ للهذَرْ
وأنّا علِمنا من الحكماه ... بأنَّ السكوتَ وعاءُ الدُررْ
فنحن سُكوتٌ وفي صمتنِا ... لَننطقُ في معجزات السوَرْ
وإذا جاَء دوري الجوابِ ... أتت هندُ في الموعد المنتظرْ
فعرَّفتُ بينهما ناشراً ... لِطيِّ حديثٍ شذاهُ انتشرْ
وحكَّمتُها بيننا بالرضي ... فقالت وقد بادلتني النظرْ
هي الجاذبيّةُ بين النفوسِ ... تدسُّ الغرامَ بسلكِ البصرْ
هي الجاذبية بين العناصرِ ... إن تَعْدُ منظومها ينتثرْ
وفي عالم الزهرِ تمشي الحياةُ ... وما من شعورِ لها أو وطرْ
فقلتُ: وأتى لها مثلَنا ... شعورٌ نغذّيه منذُ الصِغَرْ
عشقتكِ ما فتنتني العيونُ ... ولا ثغركِ الممتلي بالدُرَرْ
ولكن بنفسكِ لي جاذبٌ ... هو الكهرباءُ فأين المفرْ
هو الحبُّ يحيا بروحِ الجمال ... ولا تستبيهِ الحِلي والحِبَرْ
وأنتِ الجمالُ فمَنْ عاذري ... إذا لم أكن فيهِ ممن شَعَرْ
فجودي على شاعرٍ بهواكِ ... بآي السني حليةً للفكَرْ
فما الشعرُ دونكِ مهما علا ... بأكثر من طَللٍ مندثِرْ
وذي زهرة الورد رمزُ الهوى ... أزفُّ إلى صدركِ المزدهرْ
فكلٌّ تلفَّتَ بي شاكراً ... وبشَّ بصاحبهِ وافتخرْ
وجاَء الضحى ناثراً عقدَنا ... إلى الملتقى في رياضِ السحرْ
لبنان
أحمد تقي الدين