زهرة ورد
أممتُ الحديقةَ عند السحَرْ ... أشمُّ نسيمَ الصبَّا والزهَرْ
وقد نشرَ الفجرُ أسلاكَهُ ... فدبَّ بجفنِ النيامِ الشررْ
وأنشدَتِ الطيرُ آيَ الصباحِ ... فأيقظتِ الزهرَ مثل البشرْ
ومرَّ النسيم بيقظي الرُّبي ... فبشَّ بهِ كلُ ثغرٍ عطِرْ
وكانت إلى جانبي زهرةٌ ... بثوبِ الكرى والندى المنهمِرْ
فأيقظتُها وهي في كِمتها ... كبكرٍ ببُرد الحيا تستترْ
فهبَّت , وفي جفنها فترةٌ ... وفي خدّها حمرةٌ , تعتذرْ
وفي شفتَيها الندى مالكٌ ... عليها الكلام كثغرٍ حصرْ
فمالت إليَّ كأني بها ... تسائلُ عن حالتي والخبرْ
فقلتُ: أراكِ بأسر الكرى ... كأنكِ مغرمةٌ بالسَّمرْ
فهل أنتِ مثليَ مفتونةٌ ... بَما في الطبيعة يَسبي البصرْ
فقالت: وقد طار عنها الندى , ... أيُعذَلُ صبٌّ يُطيل السهرْ
فما أنتَ منا بأسمى شعوراً ... وليس الهوى فيكمُ محتكرْ
فقلتُ: وأنّى لمثلكِ قلبٌ ... خفوقٌ بنار الجوى يستعرْ
نشدتكِ لا تدَّعي بالغرامِ ... ففاهِمُ أسرارهِ قد ندَرْ
يضنّون في حبّهم بالقشورِ ... ولبُّ الهوى عنهمُ مستترْ
وهل يتمشى الهوى في النباتِ ... وبعضُ قلوبِ الورى كالحجرْ
فقالت: أما زنتَ صدر حبيبِ ... فؤادك في باقةٍ كالزُهُرْ
أنا زهرةُ الوردِ رمزُ الغرامِ ... حياةِ النفوسِ وروحِ الفِكَرْ
عشقتُ الطبيعة روحَ الجمال ... وحسبيَ في شمسِها والقمرْ