الحادث عنكِ إلى حين اللقاء. نعم أن أمينة نسيت أو تناست ذلك الحبَّ الشريف الشديد المتبادل الذي كان يربط روحينا برابطٍ كنتُ أظن أن ما من قوة في الوجود تقدر على قطعة حتى ولا الموت. فهل تصدقين هذا النبأ. أنتِ صديقتها الحميمة ومستودع سرّ فؤادها. أنتِ التي طالما رأت الوجد يُسيل من مآقيها العبرات , وطالما سمعت الهوى يصعّد من صدرها الزفرات , وطالما رنّت في آذانك أقسامها المغلظلة بأن أتوس هو حبيبها الوحيد الدائم , وأنها إنما بحبه تحيا. أنتِ التي تعرفين كلَّ ذلك. هل تصدقين أنني صرت لديها كغريب , كأنَّ لم يكن شيء مما كان. نعم هكذا حصل والأدهى أنها لا تريد أن تقدم سبباً لهذه المقاطعة سوى إن هذا الحب لا حاجة إليه ولا فائدة. لكَم قلت لها - وأرجوكِ عذراً وصفحاً - إن قلوب النساء متقلبة , وإنها بقدر تسرُّعها في الميل تتسرع في الانحراف؛ فكانت تقول لي لستُ من تلك النساءِ إن حبي لكِ لهو دمي الذي يجري في عروقي؛ فحياتي هي البرهان على دوام وجوده. وها هي الآن تحيا وتزداد يوماً عن يوم عافية ونضارة. يقولون أن جسم الإنسان مجموعٌ مؤلف من خلايا حيوية صغيرة جداً دائمة الفناء والتجدد. فهل تظنين أن هذا الناموس الطبيعي - أي الفناء والتجدد - يغيّر هوية الشخص فيصيّره اليوم غير ما كان منذ سبع سنين. إن أميال النفس المختلفة - وسيدها الحب - لا توجد في الإنسان عفواً , بل لا بدَّ لها من سبب. ولا أنكر أن هذه الأميال تتغير أو تضمحل , ولكنها كما وُجدت بسبب , فزوالها
يجب أن يكون لسبب أيضاً , وبقدر ما يكون الميل شديداً , يكون سببه عظيماً. فزوال هذا الميل الشديد يقتضي أن يكون سببهُ عظيماً أيضاً. فهل تستطيعين أن تستخرجي لي من أعماق صدرها سبب هذا الانقلاب العظيم