المحتفَل بهِ رجلٌ عرفهُ عشراؤه بالمرؤة ودمائه الخلق وسعة الصدر وعفة اللسان والوفاء للصديق , فأحبه الجميع. وكأن الشاعر عناه بقوله:
إذا كنتَ من كل الطباع مركّباً ... فأنتَ إلى كل القلوب حبيبُ
هذه بعض صفات الرجل؛ أما الشاعر الذي في بُرْدَي خليل , فقد عرَفتهُ النفوس خلاَّباً ساحراً , والأفئدة محرّكاً مستفزّاً. شهدت له بكلّ ذلك نبضات قلوب قرَّائه , كما شهد له إخوانه في الأدب بقوَّة بيانه , وذكاء جنانه , فاسمع ما قالوا فيه في تلك الحفلة , وشهادة مثل هؤلاء حجة. قال حافظ بك إبراهيم:
قد سمعنا خليلكم فسمعنا ... شاعراً أقعد النهى وأقاما
وطمعنا في شأوهِ فقعدنا ... وكسرنا من عجزنا الأقلاما
نظمَ الشامَ والعراقَ ومصراً ... سلكُ آياتهِ فكان الإِماما
فمشى النثر خاضعاً ومشى الشع ... رُ وألقى إلى الخليل الزمانا
فعقدنا له اللواَء علينا ... واحتفلنا نزيدُهُ إكراما
وما أبلغ هذه الشهادة إذا جاءت تزكيتها من حفني بك ناصف القائل:
يا شعر مطران لعب ... تَ بلبّنا ونفثتَ سحرَكْ
للهِ ما أحلاكَ يا ... سحرَ البيان وما أمرَّكْ
إن ملتَ يوماً للثنا ... ءِ نثرتَ في الأسماعِ دُرَّكْ
وإذا استفزَّك عابثٌ ... يوماً كفانا اللهُ شرَّكْ
وإذا هويتَ خلبتَ مَنْ ... تهواهُ واستنزلتَ بدركْ
وقال نقولا أفندي رزق الله:
تأمّلْ كرافائيلَ وارسمْ فهذهِ ... أمامَك دنيانا وأنتَ المصوِّرُ