والمنتزهات والصيد؛ ومنها ما يسرُّ ويُفرح ويحث على الكرم والجود , وهو لما كان في المديح والفخر وصفة الملوك. ومنها ما يشجّع وهو لما كان في الحرب وذكر الوقائع والغارات والأسرى والنصر والفوز والفخر. ولكل أمة أغانيها وأناشيدها , ومن هذه الأناشيد والأغاني تعرف عاداتها وأخلاقها وتاريخها وأطوارها. وتتوارث السلالات ذلك جيلاً بعد جيل , وقرناً بعد قرن , حتى أن
نوتية المراكب في نيل مصر يغنون اليوم رعمسيس توارثاً وتقليداً بقولهم وهم يجذّفون يا رمسو يا رمسو وفي سوريا يلقبون أغاني الحرب والقتال بالحوربة , ويشقون منها فعل حورب كما أنهم يلقبون أغاني الفرح بالهوربة ويشقون منها فعل هوبر ولربما ورثوا هذه اللفظة من هورا الرومانية والإغريقية , فضلاً عن الحدو الذي ينشدونهُ عند السير والمشي لا وراءَ القوافل والظعن فقط , بل في كل سير سريع يتطلّب الحماسة والنشاط. وكان غزاة العرب الذين دوّخوا المشارق والمغارب إذا خرجوا لغزوةٍ أو لقتالٍ أو لحرب , تغنوا بأشعارهم الحماسية , فيفور الدم في عروقهم وتهيج أعصابهم وتحمى نفوسهم , ويدفعهم الفخر إلى إتيان العجائب. وكانوا إذا اشتبك الأبطال بالقتال , وكفوا عن التغني بالأشعار يوقفون نساءهم يغنينهم , وفي يد الواحدة منهن مقرعة تضرب بها الفارين , وفي يدها الأخرى قارورة ماء تسقي منها الجرحى. وهذه العادة لا تزال عادتهم في حروبهم وهي أيضاً من عادات الأرناؤوط وشعوب البلقان , حتى قال