الأنفة في الحب
من حيد الشعر وأطيبه القصيدة التي ننشرها هنا وقد رأيناها في بعض الجرائد على أشكال مختلفة: فالبعض أغفل اسم شاعرها جهلاً به , والبعض اقتضب أبياتاً منها , وغيره أبدل الأربلي أصلاً ومنشأ , البحراني أني مولداً , المتوفي في سنة ٥٨٥ للهجرة وقد مدح بها بعض الأمراء فانتصرنا منها على النسيب لرقته , قال:
رُبَّ دارٍ بالغضى طالَ بَلاَها ... عكف الرَّكبُ عليها فبكاها
درسَتْ إلاَّ بَقايا أسطرٍ ... سمح الدَّهرُ بها ثمَّ محاها
كان لي فيها زمانٌ وانقضى ... فسقى اللهُ زماني وسقاها
وَقَفتْ فيها الغوَادي وقفةً ... ألصقتْ حَرَّ حياها بثراها
وبَكتْ أطلالَها نائبةً ... عن جفوني أحسنَ اللهُ جزَاها
قلْ لجيران مواثيقهُمُ ... كلَّما أحكمنُها رثَّت قواها
كنتُ مشغوفاً بكم إذْ كنتمُ ... شجَراً لا تبلغُ الطيرُ ذُراها
لا تبيتُ الليلَ إلاّ حَولها ... حَرسٌ ترشحُ بالموتِ ظباها
وإذا مُدَّتُ إلى أغصانها ... كفُّ جانٍ قُطعتْ دون جَناها
فتراخي الأمرُ حتى أصبحتْ ... هَمَلاً يطمعُ فيها مَن يَراها
تُخصبُ الأرضُ فلا أطرقُها ... رائداً إلاَّ إذا عَزَّ حِماها
لا يَراني اللهُ أرعى روضةً ... سَهلةَ الأكنافِ مَن شاَء رعاها
وإذا ما طمعٌ أغرى بكم ... عرَضَ اليأسُ لنفسي فثناها
فصباباتُ الهوىَ أوَّلُها ... طمعُ النفسِ وهذا مُنتهاها
لا تظنُّوا لي إليكم رجعةٌ ... كشفَ التجريب عن عيني عماها
إن زين الدين أولاني يداً ... لم تدع لي رغبةً فيما سواها