أعينهم على أن يأتي وقته. ثم تراهم يهتمون اهتماماًَ خاصاً بأخبار أبطالهم والمنظومات الحماسية لشعرائهم القدماء وفي طليعتهم هوميروس صاحب الإلياذة الخالدة , ويردّدون على الأخصّ , من الحوادث الغابرة , قصة يسمونها حكاية علي باشا في يانيا فيعزون إليهِ من الفظائع والأهوال ما يشيب الطفل في مهده , ويزعج الميت في لحده. وهم يجعلون فيها القطرة بحراً والصفر سفراً ويرتبونها كما يشاء الخيال , إذ لا يهمم منها إلاّ أن تجيء في شكل يُبكي النساء والأطفال , ويُثير قلوب الرجال. قال كاتب فرنساوي كبير يمكننا أن نقول ولا نخشى الخطأ أنَّ حكاية يانيا حضَّت الأمة اليونانية على الجهد الذي بذلتهُ في الحرب الأخيرة حضّاً كبيراً وأثرت فيها تأثيراً شديداً. فإنك تجد كل قرية وكل دسكرة في الجزر
اليونانية تأخذها الرعدة من تذكار يانيا. وترى النساء ينقلنَ تلك الحكاية إلى أولادهنَّ ويذكرنَ ما أتته بعض اليونانيات من الأعمال في مجال القتال. وما من أثر أبقى في النفوس وأقوى في القلوب من حكايات وطنية تعيدها الأم وهي جاثية أمام سرير ولدها وأضفْ إلى حوادث التاريخ القديم والمتوسط حادث لفشل الكبير الذي حلَّ بهم في حرب سنة ١٨٩٧. فإنهم لبثوا بعدها يتطلعون إلى الثأر واستقدموا جماعةً من الضباط الفرنساويين فنظَّموا لهم جيشهم , وجددوا مدافعهم. وكان يزيدهم حقداً على حقد أنَّ الحكومة العثمانية ظلّت واقفة لدى الحكومة اليونانية ويدُها على مقبض السيف لتوقع الرُعب في قلبها وتمنعها من ضمّ جزيرة كريت إلى أملاكها. وكانت جرائد الأستانة تنذر اليونان في كل يوم بالزحف على أثينا إذا قبلوا المندوبين الكريتيين في البرلمان اليوناني كما طلب أهل تلك الجزيرة.
وإذا رجعنا إلى تاريخ البلغاريين وجدنا أنَّ الحقدَ ينمو في قلوبهم منذ سنة ١٣٩٣ أي السنة التي سقطت فيها الدولة البلغارية في قبضة تركيا. وإذا أراد