للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل أن يعرفوا تباين لغاتنا كانوا يعرفون مستقبل مهمتنا

كل واحد من هذين الشعبين كان في آن واحد يهيئ مستقبله , ويرتّب مصير أخيه

فلهذا هززنا نحن الاثنتين الإنسانية إلى أن صارت الأرض كلها أرضنا!

ومن أقصى العالم إلى أقصاه أثارت منازعاتنا السلطات وشيدت عروشاً وقوضت عروشاً

وذلك لكي يسد الواحد منا الطريق في وجهِ الآخر

تلك شعوب اتخذن لها مقدَّماتٍ لنا. فكانت أجيرات سخطنا وغضبنا

لهذا ملانا البحار عواصف , واجتزنا أبواب العالمين الجديدة دون أن نعرف من منا نحن الاثنين كان السابق

أتذكرين؟ ويد كل واحد منا على قائم سيفه. وكلنا مستعد ليضرب. وكلنا واثق بأن الملتقى , مهما كان , أثل إلى المعركة. كنا شاكي السلاح , لا يخطو أحدنا خطوة إلاّ أوقفته قوة الآخر , أو دفعته إلى الأمام.

لقد اجتزنا طول العصور والأحقاب وقطعنا عرض البحار كلها

فأين تقهقرتِ أمامنا؟؟ ومتى تقهقرنا أمامكِ؟؟

سلي أمواج البحار: كل موجة منها قد عرفت إحدى معاركنا

أجل حالت بيننا أحياناً شعوب أخرى. لكننا كنا نتركها لنعاود الكرة على بعضنا بعض , لأننا كنا نلذ جميعاً بتعادلنا في الجلاد

كان كل واحد منا للآخر سراً وجزعاً وحباً , كنا نتقابل بشعارنا

فأية معركة كانت تشرّف أحدنا بالعراك كمعاركنا ونحن الخصمان الباسلان

كان أحدنا ينتزع من حلق الآخر شهادة له ببسالته , وهتاف إعجاب به

وكلانا صب في جام أخيه دمه ممزوجاً بدمعه: أفراح البأس , والآمال بلا حد , والأشجان الشديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>