أن أصبح صديق سيده وموضع ثقتهِ , فغمرهُ هذا بالهدايا والنعم. ولمَّا نزل مراد في الجيزة في السراي التي قامت محلها اليوم إصلاحية
الأحداث على طريق الأهرام عُيّنَ السناري وكيلاً له في القاهرة. فكان إبراهيم يفلوض امراء المماليك باسم مولاه , وصار منذ ذلك العهد مسموع الكلمة بعيد النفوذ. وكان له في القاهرة أبنية عديدة عندما صحّت عزيمتهُ على بناء هذا المنزل الذي نحن فيهِ , ولم يدّخر وسيلةً في توفير أسباب الهناء والرخاء في منزله الجديد , ويمكننا أن نتثبَّت ذلك بالعيان ممَّا بقي أمامنا من الآثار , وإن كان قد ذهب معظمها ولعبت بهِ يدُ الدهر التي لا تُبقي ولا تَذّر. ولو قدرت هذا الجدران على الكلام لإفادتنا أنهُ عند انتشار خبر وصول الفرنسيين إلى القطر بقيادة الجنرال بونابرت واستيلائهم على الاسكندرية , ترك مراد بك مزاحِمَهُ إبراهيم بك يحشد رجاله بالقرب من بولاق , وجمع هو جموعهُ وزحف لمقابلة الفاتح وفي ١٤ يوليو ١٧٩٨ تقابل الفريقان في شبراخيت , فولى المماليك الأدبار. وبعد ثمانية أيام نازلهم بونابرت في أنبابة حيث توجد الآن المحطة الحالية. وفي مساء ذلك اليوم نام بونابرت في سراي مراد بك عدّوهِ المغلوب. أما مراد بك ففرَّ إلى الصعيد؛ ولحق إبراهيم السناري بسيدهٍ ولم يفارقهُ مدة الثلاث سنوات التي ظلّ يناوش الفرنسيين أثناءَها. وهكذا ترك السناريّ المنزل الذي نحن فيهِ. وعهد بونابرت بعد انتصاره هذا إلى الجنة في أن تختار منزلاً له