وثورة القاهرة الكبرى وعودة إبراهيم بك إلى لعاصمة فاضطراه إلى مغادرتها لمعاودة القتال. وهكذا رجع العماءُ ثانيةً إلى المنازل المتقدّم ذكرها , ولكنَّ إقامتهم هذه المرة كانت أشبه شيءٍ بالمنفى. وجاءَ الطاعون فزاد موقف الفرنسيين حرجاً. ولما غُلبَ القائد مينو وتقهقر إلى الاسكندرية , أصدر القائد بليار نائبة في القاهرة الأمر إلى العلماء بأن يوافوه إلى القلعة حيث يكونون بمأمنٍ من الطوارئ. فرفضوا بتاتاً لأنهم كانوا يشعرون بأنهم بين أصدقائهم الوطنيين في حرز حريز. ولم يذكر العلماءُ قطّ أنهم وجدوا بين المصريين رجلاً واحداً أساء إليهم أو لم يحسن معاملتهم. وظلوا كذلك إلى أن جلت الحملة الفرنسية نهائياً عن الديار المصرية. أما إبراهيم السناري فإنه عاد منزله هذا , ولكنهُ لم يذُق فيهِ الراحة طويلاً , لأن القائد العثماني لم يدّخر وسعاً في إِبادة سلطة المماليك وتوطيد سلطة الباب العالي في مصر , وقد روى لنا الجبرتي مقتل السناري في الإسكندرية. ولكان هذا الرجل اليوم نسياً منسيّاً لولا أن فريقاً من العلماء احتلوا منزله , وهم الذين عرّفوا مصر القديمة إلى العالم , وذلك لخير العلم والإِنسانيةز