عداد طلبة المدرسة الرسمية المسماة ليسه مارساييل بلا مُقابل ولا عوَض. فمكثَ فيها مدةً طويلةً , حتى أتمَّ دروسه الثانويَّة , وحاز قَصَب السبقِ في أكثر المراتب والحلقات المدرسية - وكثيراً ما يَقعُ مثلُ ذلك للتلاميذ الفقراء في بيوت العلم , لما يُكثرون من الجّد والاجتهاد مُكتبين على التحصيل رجاء المصيرِ إلى غاية تترقىَّ بها حالتهمُ الوضعية وفي حالِ خروجهِ من المدرسةِ المذكورة دخل كلية مدينة اكس حيثُ تلقّى فنَّ القوانين والحقوق. وحصل في سنة ١٨١٩ على شهادة المحاماة. وفي هذه المدرسة الكليّة تعرَّف بالمسيو مينيه واستمرَّا صديقين عزيزين إلى آخر حياتهما. وقد ظهر تيارس , وهو تلميذٌ , كما عُرِفَ في سائرِ حياتهِ مجتهداً محبّاً للعلوم والمعارف , ميَّالاً إلى عدم الاقتصار على إتّباع خطةٍ واحدةٍ , شأنَ من طُبعِ على مساماةِ الأمور الجسام , وتوقد الذهن والحماسة. وفي سنة ١٨٢١ قَدِم تيارس مدينة باريس , وكانت حينئذٍ فرنسا في قبضةِ المملكة , ومصيرها إلى الهون , بعد انكسارات نابوليون الأول وتقهقُرِ الدولةِ بعد عظمتها , ولشمول شدَّة القلقِ قلوبَ الشعبِ , وتوزُّع خواطرِ الفرنسيس بين حبّ الملكيين وبغضهم , والميل إلى الجمهورية أو الأسف
على الإمبراطورية. فجاءَ تيارس ملتجئاًُ إلى مانويل وهو إذ ذاك أحدُ نوَّاب مجلس الأمة المعاكسين للبوربون , فمضى بهِ إلى المثري لافيت وعرَّفهُ بهِ وقدَّمهُ لهُ , وكانا كلاهما من أصدقاءِ الدوق دورليان رتيس الفرع الآخر الملكي وهو الذي ملك فيما بعد باسم لويس فيليب من سنة ١٨٣٠ إلى سنة ١٨٤٨ وهكذا توصل تيارس دفعةً واحدة إلى أعلى المراجع , وتعرَّف بأشهرِ رجالِ الأمة وأخذ يجتهد ويسعى حتى أحرز ذكراً متشاهراً. وقد أُشرب في قلبهِ لأول وهلةٍ بغض الأسرة المالكة , وجعل همَّهُ السعيَ لقلبها وإركاسها؛ وأخذ يُساعد في إنشاءِ جريدةٍ شهيرة مدعوة كونستيتوسيونل أي الدستوريّ واتّفق أن دخل صديقهُ مينيه في