سنة ١٨٤٠ أي في مدة ثماني سنين كاملة تولى تيارس منصة الوزارة عدة مرارٍ , فكان تارةً في وزارة الخارجية وأخرى في الداخلية , وأحياناً في وزارة المعارف , وكثيراً ما تولى كلاًّ منها على حدةٍ , أو إحداها منضمةً إلى رئاسة الوزراءِ وأظهر في جميعها قوَّة جنان , ورباطة جأش نادرتين غريبتين. واشتهر بمحافظتهِ على كل ما يؤُولُ على مجد فرنسا , وبنزعته إلى إضعاف سلطه الملك الذاتية. وهو الذي حدَّد القوانين الدستورية بهذه الكلمات الشهيرة امَلِكُ بملكُ ولا يحكم. وفي ١٥ تموز يوليو سنة ١٨٤٠ حدث أن اللَورد بلمرستون السياسي الانكليزي تمكن من عقد محالفة أوربية دون إدخال فرنسا فيها , قصدَ طرد رجال حكومةِ مصر من سوريا والأناضول. فبلغ ذلك الموسيو تيارس , وكان حينئذٍ رئيساً للوزارة وناظراً للخارجية , وابتدر إنكار هذا العمل محتجّاً على صاحبهِ , وحمل المَلك على إظهار الاستياءِ ممّا كان , ومازال بهِ حتى اضطّرهُ إلى تحصين باريس , وتعبئة جيوش فرنسا , وتسليح صنف الرديف والجند الاحتياطي , طلباً لشرف فرنسا. وتأهَّبَ للحرب ولكنَّ الملكَ تخوَّف من هذه الاستعدادات , واوجبَ على وزيرهِ أن يدَعَ المنصب مستقيلاً ففعل. وكان تيارس في مدَّةِ وزارتهِ قد حَصَل من لَدُن الانكليز على الرخصة بنقل رفات نابوليون الأول إلى فرنسا. ثمَّ خلف تيارس على الوزارة مناظرهُ المؤرّخ غيزو الشهير , وكان جانحاً إلى السلم ومُطاوَعَةِ الملك. أمَّا تياريس فإنهُ بهذين العملين الأخيرين , وهما نقلُ بقايا نابوليون واستعدادهُ لمحاربة أوربا , قد استمال الشعب إليهِ وحصل على محبتهِ وثقتهِ , واستمرَّ تيارس مدَّةَ السنوات الثماني التي مضت على زوال وزارته وسقوطه من منزلته إلى حين خلع الملك لويس فيليب , رئيساً لجميع المناوثين الذين حاولوا اهباط غيزو. . . وفي الـ ٢٤ من شباط فبراير سنة ١٨٤٨ خُلع لويس فيليب من تخت الملك , فانحاز تيارس إلى الجمهورية , وكان قد شرع بتأليفِ تاريخ لحكومة نابوليون الأول سمَّاهُ الحكومة القنصلية والإمبراطوريَّة