البارعاتِ المتفنِّنات قد تعب بعضهنَّ وملَّ , وشاخ البعض , واكتفى البعض بما جمعنَ من مال وعقار. فأهملنَ الصناعة. ولم يبقَ في القهوات إلاَّ راقصات مقلّدات لا يزيد راتب أكبرهنَّ عن عشرين جنيهاً في الشهر. ويكتفي بعضهنَّ بأخذ ثلثي قيمة ما يفتحهُ لهنَّ الزبائن من زجاجات البيرة , ويختلف ثمن الزجاجة من عشرة قروش إلى ثلاثين قرشاً. وقرن بعضهنَّ الرقص بالغناء. وقد اشتدَّت المزاحمة يوماً بين اثنين من أصحاب القهوات على غنيةٍ مصرية تجيد الفنَّيْن , فبلغت أُجرتها ١٥٠ جنيهاً في الشهر عدا نصيبها في ثمن ما يُفتح لها من زجاجات البيرة والشمانيا. ولبثت الحكومة زمناً , وهي متأثرة بأقوال أعداءِ الرقص المصري فصادرتهُ , وأمرت بإقفال بعض مراسحهِ. فقاضاها أصحاب هذه المراسح أمام المحاكم المختلطة , فأصدرت محكمة الاستئناف حكماً قالت فيهِ إِنَّ الرقص المصري فنٌّ من الفنون الجميلة , وليس فيهِ شيء مخالف للآداب بالمرَّة ولكن هذا الحكم لم يقنع الكثيرين من أدباء المصريين , فحمل الأديب الكبير محمد بك المويلحي على الرقص وأنديته حملةً شعواء في كتابهِ حديث عيسى بن هشام وزار المستر رودي الكاتب الانكليزي هوة النوفرة عندما كان يرأٍس تحرير جريدة الأجبشن ستندرد أحد ألسنة الحزب الوطني , فأعجب بها , وأعلن إعجابه في مقالة نشرها في تلك الجريدة , فقامت قيامة الصحف المصرية عليهِ , وأنَّهم صاحب المؤيد المرحوم مصطفى كامل