الأولى , وخمسة قروش للدرجة الثانية. ومع أنَّ المسيو يوانيدس كان يدفع لهذه الجوقة التونسية ستة جنيهات في الليلة , فإِن مكاسبهِ كانت عظيمة لإِقبال المصريين على قهوتهِ وإعجابهم برقص أولئك التونسيات. ورأى جماعةٌ من اليونانيين أن يقتدوا بالمسيو يوانيدس فأنشأوا في العاصمة والإسكندرية وبعض مدن الأقاليم قهواتٍ عدَّةٍ للرقص البلدي. وتعلَّمت المصريَّات الصناعة , وأحكمنَ الملابس اللازمة لها. ووضع لهنَّ مشهورو الملكّنين أدوراً يرقصنَ على أنغامهاز وساعدَهنَّ على إِتقانها فريقٌ من مشهوري الطبَّالين. ووضع النظام المتبع في القهوات الراقصة , وهو أن يغني المغنون دورهم , ثم تتبعهم الراقصة , فتخرج إلى المرسح ملتفةً بعباءَة ولا تلبث أن تبدأَ بالرقص على نغماتِ العود والقانون والدربكَّة , وهي تتمايل في كسائها المعروف , وهو قميص من الشاش , وفوقه صدرةٌ حريرية مزركشة تستر الثديين , وتنُّورة مفوَّفة بالأشرطة المذهبة. ومتى أتمَّتْ دورها يعود المغنُّون , فالرقص وهكذا. وبلغ عدد قهوات الرقص البلدي في العاصمة منذ عشر سنوات ١٩ قهوة. ثمَّ فترت حرارة المصريين في الإِقبال على هذه القهوات , فانحطَّ عددُها إلى ستّ قهواتٍ , منها ثلاث مهدَّدةٌ بالإفلاس.
وكانت هذه القهوات عامرةً بعددٍ يُذكر من شهيرات الراقصات , بين مصريات وسوريات وفارسيات ومغربيات , ومنهنَّ من حازت مادليات من أكبر معارض وأميريكا إِعجاباً بصناعتهنَّ. وبلغت أُجور الشهيرات منهنَّ نحو ٦٠ جنيهاً في الشهر.