كتابة هؤلاء السائحين من أكبر البواعث لحمل المصريين على مشاهدة هذا الرقص. فكانوا يبذلون العشرات من الجنيهات للتمتع سرّاً برؤية راقصة وهي تشتغل بصناعتها الشائنة. ثمَّ أخذ الرقصُ المصريُّ ينتشر شيئاً فشيئاً في الموالد التي تقام في الوجه القبلي. وقد تعلمتهُ النسوة المبتذلات اللائي أمرت الحكومة بنفيهنَّ من العاصمة وبعض جهات الوجه البحري إلى مدينة أخميم. وعرفتُ منذ نحو ٣٥ سنة راقصة تدعى بنت أبو شنب كان
يحضر رقصها الألوف. ومتى بدأت في العمل صمت الحاضرون كأنهم في معبد. فإذا انتهت طافت بهم لجمع النقطة فلا يقلّ ما تجمعهُ في الجلسة الواحدة عن مئتي جنيه!! ومن الغريب أنهُ بينما كان الرقص المصري منحطّاً في مصر لا يُرى إليهِ إلاَّ بعين الازدراءِ , كان بالغاً أعلى درجات الرقي في أكثر بلاد الشرق والمغرب الأقصى. وجرى حديث في هذا المعنى منذ نحة ٢٥ سنة بين المسيو مانولي يوانيدس صاحب قهوة ألف ليلة وليلة ورجل من المغاربة فذكر المغربي أنهُ توجد في تونس نسوة يُجدن الرقص المصري بلا تهتُّكٍ ولا تبذُّل. فاتفق المسيو يوانيدس مع مُحَدّثهِ على أن يُحضِرَ بعض هؤلاءِ النسوة للرقص في مصر. فلبَّى الطلب. وفُتِحت أوَّل قهوة للرقص البلدي في شارع كلوت بك خلف قهوة اللوفر في سنة ١٨٨٧. وكانت أُجرى الدخول إلى هذه القهوة غروش صاغاً للدرجة