فالسنجابيّ , فما بينها من الألوان التي تُلطِف اجتماعها وتزيدها بهاءً على التنويع. ومن محاسنِ المكس أنَّ الحكومةَ مهملتُها , فهي من أجل هذا لم تزل قطعةً من الطبيعة يعيش فيها الإنسان , كما يُجبُّ أن يعيش المتمتع طالبُ الراحةِ. فإذا مرَّ في طريق , فالطريقُ غيرُ ممهَّدَة ولا مستقيمة ولا محفوفةٍ بصفيَّن من الشجر يحجبان النظرَ , كما تُحجبُ عيون الخيل التي تجرُّ المركبات؛ بل هي ضيّقةٌ فواسعة , صاعدةٌ فمنحدرة , رملية فحجرية ممتدَّةٌ فمنعطفة , فيها للسائرِ ما لا يألفهُ فيستجدُّهُ كلَّ آنِ. وفيما حولها من المسافات المفتوحة ما ينطلق معهُ النظرُ على مدى البحر الفسيح تارةً , وعلى مدى الرملةِ الوعساءِ طوراً.
رأيتُ في خلال إِقامتي بالمكس بعضَ الأشياءِ التي تجدرُ بالذكر
رأيتُ الملاَّحاتِ وعلمتُ للمرَّةِ الأولى علمَ الشهادةِ والتحقيق كيف يُصْنَعُ هذا المصلح الذي يُصلِح غذاءَنا , وينزلُ من حاجيّات حياتنا في المنزلة الأُولى , حتى أن الأمصارَ التي لا يُوجد فيها وتستوردُهُ من بعيد على ظهور الدواب تتداول قطَعَهُ تداولَ النقود. وإني لاستحيي أن أصف بالدقة كيف يُصنع الملحُ , لأنَّ أجهلَ الناسِ يتصوَّرُهُ. ولكنني لا أخاف
القولَ إِنَّ البلادةَ مستحكمٌ في قلوبنا , نحن الشرقيين , متمكنةٌ من لحمنا ودمنا إلى حدّ أنَّنا لا نتكلَّفُ الرؤيةَ ولو عن كَثَبَ , لنعلمَ مِن دقائق الأمر ما لم يُلمَّ بهِ تصوُّرُنا إِلماماً تامّاً من مجرّد الأخبار.