الدولة كائن حي يحفظ وجودُها بالسنّة التي تُحفظ بها حياة سائر الأحياء: وهي سلامةُ مزاجها في نفسها ووقايتهُ مما يعدو عليهِ من الخارج فأمَّا سلامةُ مزاجِ دولتنا العثمانية في نفسها ووقايتهُ مما يعدو عليهِ من الخارج. فأمَّا سلامةُ مزاجِ دولتنا العثمانية في نفسهِ فإِنما يكون بإقامةِ الشرعِ العادل في القضيةِ , والمساواةِ في الحقوق بين الرعية , وبناءِ إِدارة المملكة على أساسِ اللمركزية , وجعِ السلطة العليا شقَّ إلا بلمة بين العنصرَين اللَّذين يتكوَّن منهما الماء والهواء. وأما وقايتُها مما يعدو عليها من الخارج فهو الآن منوطٌ بدلوِ أوربةَ الكبرى فهنّ أصحابُ المطامع فيها ومطامعهُنَّ متعارضة. وما دامت كذلك كانت الدولة آمنةً على نفسها من اقتسامهنّ إياها بالقوَّة؛ فيجب أن نتقي استيلاءَهنَّ على البلادِ بقوّة المال والسياسةِ أي بالفتح السلمي , وأن نقوّي مزاج الأُميّةِ بالمالِ والعلم وإعدادِها للدفاع عن نفسها. فإذا هي فرَّطت في مرافقها وأملاكها فباعتها للأُوربْيّينَ وبقيت على تبذيرها وتوهمّها إنها تستطيع أن تحمي نفسَها منهنَّ بقوَّتي الدول: البرية والبحرية الرسميتينِ , ولم تجعل كلَّ أعمادِها على الأُمة , فالخطرُ عليها من الفتح السلمي أقربُ وأقَوى من خطرِ الفتح الحربي.
وقال داود أفندي بركات:
رأيي في إصلاحِ السلطنة العثمانية أن تُقسَم مناطقَ , وأن تكونَ كل منطقة مؤلفةً من العناصر المتفقة في التقاليد والعادات واللغةِ ,