اعتزَّ بها السلوقيّون أجيالاً؛ وكذلك آسيا الصغرى وظلّت مدة هي أعظم اركان الدولة العثمانية. فهذه الولاياتُ إذا أُحسنت سياستُها وإدارتها صارت غنية. وهذا لا يتمُّ والأمة تقدَّم. فالوسيلة المثلى للنهوض بالدولةِ العثمانيةِ إنما هي ترقية الشعب وهو لا يقدرُ أن يرقّي نفسهُ رغم استعدادهِ الطبيعي للرقي. وقد يقوم بذلك حاكم عادل عاقل؟ إنما يشترط أن يكون مستبدّاً وهذا لا يتيسّر والحكومة دستورية. فلا بدَّ من الاستعانة بالأجانب. وأسلمُ الطرُق أن تتحالف الدولة العثمانية مع دولة تثِقُ بصداقتها فتستعين برجالها على إصلاح حكومتها وترقية شعبها وصيانتها من مطامع الدول الأخرى بشرط أن لا يكون لهذه الدولة مطمع في الاستعمار. فإذا وُفّفت إلى ذلك في أثناء أربعين سنة نهضت واسترجعت رونقها.
وقال سامي أفندي قصيري
لما كانت الدّولة العثمانيةُ فيما مضى دولةً استبداديةً قائمةً على حكومة الفرد كانت تقوى بقوّة ذلك الفرد , وتضعف بضعفهِ , وتسعدُ بسعدهِ , وتشقى بشقائهِ. أما الآن وقد أُعلن فيها الحكمُ الدستوري مراعاةً لأحوال الزمان والمكان , وتبدَّلت حكومة الفرد بحكومة الأمة , فصلاحُ الحكومةِ قائمٌ بصلاح الأمَّة. ولا يكون ذلك في رأيي إلاَّ بنشرِ التعليم الحرّ بين طبقاتها , والفصل بين دُنياها ودينها , والتأليفِ بين عناصرِها وطوائفها حتى تُصبحَ
جميعها كتلةَ واحدةً يحرِّكُها من أعلاها إلى أسفلِها عاملٌ