ولست بخالع درعي وسيفي ... إلى أن يخلع الليل النهار
وإلا أن تبيد سراة بكر فلا يبقى لها أبداً أثار
ثم جز شعره، وقصر ثوبه، وهجر اللهو، وحرم على نفسه الشراب. وأرسل رهطاً من أشراف قومه وذوي أسنانهم، فأتوا مرة وهو في نادي قومه. فقالوا له:
إنكم أتيتم أمراً عظيماً بقتلكم كليباً بناب من الإبل، وقطعتم الرحم وانتهكتم الحرمة بيننا وبينكم: وإنا نعرض عليك خلالاً أربعاً، لك فيها مخرج، ولنا فيها مقنع. إما أن تحيي لنا كليباً، أو تدفع إلينا قاتله جساساً فنقلته به. أو هماماً فإنه كفؤ له، أو تمكنا من نفسك فإن فيك وفاء لدمه.
فقال لهم مرة: أما إحيائي كليباً فلست قادراً عليه. وأما دفعي جساساً إليكم، فإنه غلام طعن طعنة على عجل وركب فرسه فلا أدري أي بلاد قصد. وأما همام فإنه أبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة كلهم فرسان قومهم فلن يسلموه بجريرة غيره. أما أنا فما هو إلا أن تجول الخيل جولة فأكون أول قتيل بينها، فلا أتعجل الموت. ولكن لكم عندي خصلتان: أما أحداهما، فهؤلاء أبنائي الباقون فخذوا أيهم شئتم واقتلوه بصاحبكم. وأما الأخرى، فإني أدفع لكم ألف ناقة سود الحدق حمر الوبر
فغضب القوم وقالوا: قد أسأت ببذل هؤلاء، وتسومنا اللبن من دم كليب. ونشبت الحرب بينهم ولت أربعين سنة بسبب ناقة