نور الدستور لهي أكثر بلاد الدولة استعداداً للمستقبل المجيد، إذا كان أهلها كأرضها وقلوبهم كأنهارها.
هذه البلاد التي تخط بجبليها الكبيرين أثلام الأودية العميقة وتطوق السهول لترسل إليها ماء الحياة، هذه البلاد تجمع بوحدتها من أنواع الأراضي ما لا تملكه البلدان العديدة بتفرقها على كل الأقاليم.
. . . هنالك سهول الحر وهنا جبال القر، هنالك السفوح المعتدلة وهنا القمم الناطحة أطراف الغيوم. فأرضنا منبت كل ما يجتمع من الطبيعة في مملكة النبات، وكل ما تطلب الألفة الكاملة من أنواع العقول واستعداد الجسام. فإذا أوجدت لنا السهول رجال القناعة والعمل، دفعت لنا الجبال بسيلٍ عرم من أهل الفكر والأطماع، وقدمت لنا الأوساط جيشاً من بني القناعة وصفاء الذهن. لنا السنديان والكرم والأزهار. لنا القوة والفائدة والجمال.
. . . هذه سورية التي نراها مملوءة من عناية الله لا نكاد نقلب صفحة من تاريخها ما لم نجد عليها لطخة سوداء نفثها الإنسان من مظالمه ومن أطماعه. هذه للبلاد الجميلة كانت منذ البدء أرض الميعاد لكل شعب، وكل شعب فيها يئن مظلوماً كأنه منفي غريب في وادي
الدموع. كل عنصر كان يظهر على الأرض لم يتوار من صفحة الوجود، قبل مروره بسوريا، وإبقائه فيها أثراً شيقاً.
كل قافلة من رجل الإنسانية تركت على أرض سوريا تائهاً، وكل معسكر غاز ترك بقية متمردة، وكل حاكم فيها أبقى عليها سلالة تطمح إلى