وقد كانت بلادنا محطاً لإعصار الشعوب من كل جهة، من الشمال ومن الجنوب، من قفر الرمال ومن قفر الثلوج، من الحجاز ومن بلاد التتر وكل هؤلاء الأقوام لم يجتازوا سوريا إلا وأبقوا عليها أثر العنف ودلائل الدمار. . .
(وبعد أن أتى الكاتب على ذكر الغزاة الفاتحين الذين اجتاحوا في سورية قال):
وفي العاشر من تموز سنة ١٣٢٤ جاءنا فاتح جديد بلا حملة ولا سيف. جاءتنا فتاة تركية بجناحها الذهبي وابتسامتها الخلابة لتجفف الدموع التي أسالها أبوها القاسي. ظهرت ابنة الترك لتضمد جراح سوريا وقد سبرت الأجيال قروحها إلى أقصاها. أو بالحري جاءتنا فتاة الحرية وهي ابنة العالم كله لا تنتسب لأمة ولا لشعب دون أخيه.
جاءت محررة الإنسانية من قيودها ومطلقة للعناصر من أوهامها والأديان من تعصباتها.
ملاك في شماله غصن السلام، في يمينه قبس النور نشاهد على شعاعه ما أخفته عنا ظلمات القرون، فلننظر إلى مجاهل أمراضنا نظرة الشجاع إلى جراحه، فإن الحرية لا تشفي ولكنها تعطي العليل حرية الشفاء.