للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مفتونين بحب كتب العلم، يتنافسون باقتنائها ويتباهون بنوادرها. فكان الشيخ النابلسي كلما زار فاضلاً في داره

عرض عليه ما عنده من نفائس الكتب ونوادر الأسفار العلمية والأدبية ويأخذ كل منهم في سرد ما يعلمه من هذا القبيل.

ومما يلاحظ أيضاً أن مدة الخمسة عشر يوماً التي قضاها النابلسي في طرابلس - وكانت كلها مذاكرات ومباحثات - لم يجر فيها ذكر لمدارس التعليم - فلم يذكر تلميذ ولا مدرسة ولا للعائلة - فلم تذكر امرأة ولا تربية وبيت. ولا للصناعة والتجارة - فلم تذكر حرفة ولا بضاعة ولا حانوت. ولا للعادات والتقاليد - فلم يذكر شيء من أمور الأفراح والمآتم والحفلات الأخرى حتى كأن طرابلس في ذلك العصر ليس فيها تلميذ ولا امرأة ولا صانع ولا تاجر ولا شيء من مميزات كل هيئة اجتماعية أو أن الكلام في هذه الأشياء ليس مما يهتم به أو هو مما لا يحسن أن يدور الحديث بشأنه بين رجال الطبقة العالية.

وأغرب من جميع ما ذكر أنه لم يجر حديث بينهم عن شؤون السياسة وأخبار الحكومة وأحوال الدولة، فلم تذكر أسلامبول ولا اسم السلطان ولا محاربة ولا معاهدة ولا وزارة ولا شيء من هذا القبيل. مع أن الطبقة التي يجالسها الزائر الكريم من أعلى طبقات طرابلس في العلم والوجاهة والنفوذ والاتصال بالمقامات العالية خارج طرابلس. فهم الحكام الإداريون. والقضاة والمفتون.

فما أكبر الفرق بين زمننا هذا الذي يذكر فيه اسم الحكومة وشؤونها

<<  <  ج: ص:  >  >>